اخبار اليمناخبار خاصة

فيما موقف صنعاء لم يعلن.. حراك سياسي يتصاعد .. ووضع انساني يزداد ترديا

اخباري نت . رويترز . تواصل الامم المتحدة والدول الكبرى في مجلس الامن مساع حثيثة لإحياء مسار السلام المتعثر في اليمن، واعادة الاطراف المتناحرة الى طاولة المفاوضات المتوقفة منذ عام.

يأتي هذا وسط مخاوف وقلق محلي ودولي بالغ من استمرار تدهور الوضع الانساني المريع في البلد العربي الفقير الذي تتهدده مخاطر الاحتراب الدامي، والمجاعة، وأسوأ تفش لوباء الكوليرا في العالم.

وشهدت الايام الاخيرة، حراكا دبلوماسيا مكثفا لحلحة الجمود في مسار الازمة اليمنية، وفق خطة اممية جديدة، بدءا بإجراءات لبناء الثقة بين الاطراف المتناحرة، وتسهيل وصول المساعدات الانسانية لملايين السكان المتضررين من الصراع الدامي المستمر منذ ثلاث سنوات.

ويواصل مبعوث الامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ احمد، مشاورات جديدة في المنطقة حول الملف اليمني، استهلها من العاصمة السعودية الرياض، بسلسلة لقاءات مع عبدربه منصور هادي، ومسؤولين يمنيين وخليجيين ودبلوماسيين غربيين، لبحث فرص التهدئة العسكرية، وانعاش مسار السلام المتوقف منذ اب اغسطس العام الماضي.

وتأمل الامم المتحدة في انخراط الاطراف اليمنية بمفاوضات منفصلة، واخرى مباشرة بهدف التوصل الى اتفاق شامل بموجب خارطة معدلة عن خطة سابقة توسطت لها المنظمة الدولية في مشاورات شاقة استضافتها الكويت وانتهت دون اتفاق.

وكشف مبعوث الأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ احمد، انه يسعى بالتشارك مع الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن الى بلورة خطة جديدة، تتضمن مجمل القضايا الخلافية، بما فيها ميناء الحديدة، ومطار صنعاء، ورفع الحصار عن تعز، والإفراج عن السجناء، فضلا عن تفعيل عمل لجنة التهدئة والتنسيق العسكرية.

وحتى اللحظة لم يعلق تحالف الحوثيين والرئيس اليمني السابق رسميا، حول هذه الجهود الاممية الجديدة، وما اذا كان مستعدا للقاء الوسيط الدولي في صنعاء او الالتحاق بمشاورات مقترحة في جنيف.

ومنذ يونيو الماضي، يرفض تحالف الحوثيين والرئيس السابق التعامل رسميا مع وسيط الامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ احمد، ويتهمونه بالانحياز لحلفاء الرياض.

وامس الاول، اتهم وزير خارجية هادي تحالف الحوثيين والرئيس السابق بعرقلة المساعي الاممية والدولية من اجل وضع حد للحرب الدامية في البلاد.

وطالب في اجتماع مع سفراء الدول 18 الراعية للتسوية السياسية في اليمن، المجتمع الدولي الضغط على الحوثيين والرئيس السابق للتعاون مع المبعوث الدولي، وتحديد الطرف المعرقل لعملية السلام بشكل واضح وصريح”.

وعلى مدى اكثر من عام، اصطدمت مساعي مبعوث الامم المتحدة بتحديات كبيرة، بعد فشل الجولة الاخيرة من مشاورات السلام في الكويت في تحقيق اختراق توافقي حول خطة اممية تبدأ بتدابير امنية للانسحاب من المدن وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد 45 يوما، وصياغة دستور جديد للبلاد، واجراء اصلاحات تشريعية والتحضير لانتخابات خلال عام.

ويشترط الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي، قبل الذهاب الى اي مباحثات جديدة، التوقيع على خطة حل شامل، تتضمن التوافق “على مؤسسة رئاسية جديدة”، تستبعد عبدربه منصور هادي، وهو ما يرفضه الاخير المتمسك بحل سياسي وفق القرار الاممي 2216.

ولم تلق مبادرة اخيرة للمبعوث الاممي حول تحييد ميناء الحديدة لدواع انسانية، دعما حاسما من المجتمع الدولي، بعد ان رفضها تحالف الحوثيين في صنعاء رفضا قاطعا.

وحاولت قوى خليجية ودولية المساعدة في إقناع حلفاء الحرب في صنعاء بالتعاطي مع المبادرة الانسانية، عبر استقطاب جناح الرئيس السابق، غير ان هذه الجهود اصطدمت بموقف الحوثيين المتصلب ازاء شريكهم في سلطة الامر الواقع غير المعترف بها دوليا.

ومنذ اندلاع الفصل الجديد من النزاع عقب تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية في 26 مارس/ اذار 2015، فشلت اربع جولات من مفاوضات السلام اليمنية، في التوصل الى اتفاق ينهي الحرب التي خلفت نحو 10 آلاف قتيل، اضافة الى 3 ملايين نازح اجبروا على الفرار من ديارهم بعيدا عن مناطق المواجهات، حسب اخر التقديرات الاممية.

ودعا اعضاء مجلس الأمن الدولي في وقت سابق الشهر الجاري، أطراف النزاع اليمني بالوقف الفوري للأعمال العدائية، والالتزام بمقتضيات القانون الإنساني الدولي، والانخراط في مفاوضات مع مبعوث الأمم المتحدة بشكل إيجابي للتوصل الى سلام شامل في اليمن.

وخلال الاسابيع الاخيرة، تصاعدت الضغوط الاممية والدولية على الاطراف المتحاربة من اجل وضع حد للنزاع الدامي في اليمن، في ظل حالة قلق متزايد من احتمالات انزلاق البلاد الى دائرة المجاعة مع استمرار الاعمال القتالية على ضراوتها منذ نحو ثلاث سنوات.

وفي هذا السياق بدأ وكيل الامين العام للامم المتحدة مارك لوكوك، زيارة الى اليمن تستغرق خمسة ايام، هي الاولى له منذ توليه المنصب في سبتمبر الماضي.

واليوم الاربعاء اجرى المسؤول الاممي مباحثات مع المسؤولين في تحالف الحوثيين والرئيس السابق بصنعاء، بعد محادثات مماثلة مع رئيس الوزراء لهادي  احمد عبيد بن دغر امس الثلاثاء في العاصمة المؤقتة عدن، ضمن الزيارة التي تشمل ايضا محافظة الحديدة حيث يقع الميناء التجاري الهام لاستقبال شحنات الاغاثة على البحر الاحمر.

وقال مارك لوكوك في بيان “انه قرّر المجيء إلى اليمن بسبب القلق البالغ حول الاوضاع الإنسانية المتدهورة باستمرار”.

ويعتزم المسؤول الاممي خلال الزيارة اللقاء بمتضررين من الصراع في الفئات الأشدّ ضعفا.

في الاثناء وصل صنعاء اليوم الاربعاء، مدير دائرة الشرق الأوسط في المفوضية السامية لحقوق الانسان، محمد النسور، بعد أسابيع قليلة من قرار اممي بإرسال خبراء دوليين للتحقق من انتهاكات اطراف الحرب في اليمن.

وكان مجلس حقوق الانسان وافق بالاجماع نهاية الشهر الماضي على قرار عربي بالابقاء على اللجنة الوطنية التي شكلها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وارسال مجموعة خبراء دوليين “بارزين” للتحقق من الانتهاكات المزعومة التي ارتكبتها جميع الأطراف المتحاربة في اليمن.

وتسببت الحرب المتصاعدة في البلاد بواحدة من “اكبر الازمات الانسانية” في العالم حسب توصيف الامم المتحدة، مع ارتفاع اعداد السكان الذين يعانون من “ضائقة غذائية”، الى نحو 20 مليونا، بينهم حوالى 7 ملايين شخص لا يعلمون من اين سيحصلون على وجبتهم التالية.

وحسب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فإن الحرب اليمنية تقتل شهريا ما لايقل عن 100 مدني، معظمهم بالضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية.

لكن هذه الارقام تظل متواضعة مقارنة بإحصائيات، وتقارير متطابقة من اطراف الصراع التي تشير الى حصيلة ثقيلة من القتلى والجرحى، قد تتجاوز 80 الف قتيل من كافة الاطراف المتحاربة، فضلا عن عشرات الآلاف من المباني والمنشآت المدمرة، التي تسعى الاطراف الى تثبيتها في مفاوضات التعويضات وإعادة الاعمار.

وضاعف من تفاقم المأساة الانسانية تفشي مرض الكوليرا، في ظل الانهيار المريع للنظام الصحي، واتساع دائرة الجوع الى مناطق جديدة وسط مخاوف من انزلاق البلاد نحو شفا مجاعة وشيكة خاصة في محافظات وسط وغربي البلاد.

وارتفعت معدلات سوء التغذية بنسبة 60 بالمائة عن ما كانت عليه أواخر العام 2015، فيما تقول منظمة اليونيسف ان نحو 1.7 مليون طفل دون الخامسة من العمر يعانون من سوء التغذية الحاد والمتوسط.

ووفقا لليونسيف، فان طفل يمني على الأقل يموت كل 10 دقائق نتيجة لأمراض كان يمكن الوقاية منها.

كما خطف هذا الصراع آلاف الأطفال الى جبهات القتال، في وقت حذرت فيه المنظمة الدولية من ان مستقبل تعليم 4.5 ملايين طفل يمني على ” المحك”، مع عجز سلطات الاطراف المتصارعة عن سداد رواتب المدرسين الذين اعلنوا اضرابا كليا عن العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى