عربية ودولية

زعيم المافيا أحرج أردوغان.. لماذا تغض أنقرة النظر؟

تتواصل تداعيات مقاطع الفيديو التي ظهر فيها زعيم المافيا التركي سادات بيكير، في تركيا حتى الآن، بعدما اتهمَّ في 7 فيديوهات بدأ بنشرها على موقع “يوتيوب” منذ أسابيع، مسؤولين كبار في الحكومة كوزير الداخلية الحالي سليمان صويلو وكذلك الأسبق ونجله ونجل رئيس الوزراء السابق وآخرين بالتورط في ارتكاب عمليات قتل طالت صحافيين ومعارضين أكرادا في تسعينيات القرن الماضي، إضافة للاتجار بالمخدرات وتهريبها وسوء استخدام السلطة والاغتصاب.

وعلى ما يبدو، فقد توقّف زعيم المافيا البالغ من العمر 49 عاماً والمقيم خارج تركيا، مؤقتاً عن نشر مقاطع الفيديو بعدما لجأ لموقع “تويتر”، حيث حذّر حكومة بلاده على حسابه الموثّق قبل يومين في تغريدة، من استخدام تكتيكاتٍ “شيطانية” ضده.

وكشف بيكير في سلسلة تغريداته أنه “مستعد” لخسارة حياته، وأضاف في تغريدةٍ أخرى مخاطباً أنقرة: “ستواجه عدواً رجولياً، لو قاتلتني كرجل، وستواجه أعظم شيطان في العالم، إذا ما تصرّفت كشيطان”.

أنقرة لم تحرك ساكناً

ورغم أن مقاطع الفيديو التي ظهر فيها بيكير، حظيت بمتابعة الملايين وتصدّرت عناوين وسائل الإعلام الدولية والتركية خاصة المحسوبة على المعارضة، لكن الحكومة التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” الذي يتزعّمه الرئيس رجب طيب أردوغان، ويشارك فيها أيضاً حزب “الحركة القومية”، لم تتحرّك قضائياً حتى الآن رغم أن المعارضة طالبت بإقالة سليمان صويلو وزير الداخلية الحالي كمدخلٍ لبدءِ أي تحقيقاتٍ أمنية.

ومع أن فرع نقابة المحامين الأتراك في مدينة إزمير، تقدّم بشكوى جنائية ضد بيكير وأولئك الذين اتهمهم بالتورط في ارتكاب عمليات القتل التي طالت صحافيين اثنين على الأقل مع رجل أعمالٍ كردي في تسعينيات القرن الماضي، إلى جانب الاتجار بالمخدرات وسوء استخدام السلطة والخطف، لكن السلطات لم تجرِ أي تحقيقاتٍ حتى الساعة، بحسب 3 مصادر من نقابة المحامين.

صويلو في عين العاصفة

واتهم بيكير علناً، صويلو بتقديم الحماية الشرطية له، كما أن حزب المعارضة الرئيسي وهو “الشعب الجمهوري” كشف بالوثائق أن وزير الداخلية الحالي قدّم لبيكير معلوماتٍ أمنيّة سرّية، إضافة لمنحه جهاز تشويش يمنع التنصت على مكالماته الهاتفية قبل أن يغادر البلاد العام الماضي. كما اتهم أيضاً وزير الداخلية الأسبق محمد آغار، ونجله، بالإضافة لآركان يلدريم، نجل رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، بالاتجار بالمخدرات، لكن كل أولئك الذين اتهمهم بيكير نفوا ذلك لاحقاً وتقدّموا بشكاوى جنائية بحق زعيم المافيا بذريعة “تشويه السمعة والافتراء”.

معلومات سرّية عن مسؤولين كبار

تعليقا على تلك الوقائع، قالت ميرال كابان، المسؤولة في فرع نقابة المحامين بمدينة إزمير إن “بيكير يتزعّم مافيا مسلّحة وقال إن صويلو ونجل بن علي يلدريم وآخرين تلقوا منه المساعدة في تنفيذ الكثير من العمليات، كما نشر معلوماتٍ سرّية عن مسؤولين كبار في الحكومة، وادّعى أن الدولة تتمسّك بقوّته وأنه يساندها ويتعاون معها، ولذلك ما كشف عنه في سلسلة فيديوهات كان مهماً للغاية، ولهذا طالبنا السلطات بإجراء تحقيقاتٍ على الفور وإقالة صويلو من منصبه”.

وأضافت المحامية لـ”العربية.نت” أن “السلطات لم تقم بإجراء أي تحقيقات، كما أن الحكومة تدعم أشخاصاً اتهمهم بيكير مثل وزير الداخلية الحالي عوضاً عن معاقبته”، مشددة على أن “ادعاءات زعيم المافيا يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لكن القضاء لم يتحرّك مطلقاً”.

وتابعت أن “اتهامات بيكير معروفة لدى فئة كبيرة من المجتمع التركي، لكن المختلف هذه المرة أنها خرجت للعلن من قبل شخص مقرّب من السلطات، لذلك كان للأمر وقعاً كبيراً في تركيا”.

وكانت نقابة المحامين طالبت قبل أيام بإقالة صويلو من منصبه كي تبدأ السلطات بإجراء تحقيقاتٍ معه دون أن يكون في موقعٍ قد يتمكن منه من الهروب دون المحاسبة.

ووصلت مقاطع الفيديو التي ظهر فيها زعيم المافيا إلى أردوغان، وعلّق عليها هو أيضاً قائلاً: “إنه لمن دواعي الأسى أن نرى في بلدنا أناساً بائسين يحصلون على المساعدة من عصابات المافيا”.

“الجميع خائف”

وقال محاميّان اثنان على الأقل من نقابة المحامين الأتراك إن “الجميع خائف، فالمتهمون شخصيات بارزة في الحكومة أو مقرّبون منها”.

وأضافا لـ”العربية.نت”: “لكن كان على الحكومة على الأقل البدء بتحقيقٍ برلماني للبت في صحة الاتهامات التي وجهها بيكير لمسؤولين كبار”.

ومن شأن ادعاءات بيكير، إعادة فتح ملف مقتل الصحافي القبرصي كوتلو أدالي، والتركي أوغور مومجو، ورجل الأعمال الكردي ساواش بولدان، زوج الرئيسة المشاركة الحالية لحزب “الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد.

والثلاثة كانوا قد قُتِلوا في فتراتٍ متفاوتة في تسعينيات القرن الماضي، بناءً على أوامرٍ من وزير الداخلية الذي طلب حينها مساعدة بيكير في التخلص منهم، كما ورد في إحدى مقاطع الفيديو التي نشرها مؤخراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى