من هنا وهناك

رأي… أنا شابة عربية إماراتية مسلمة.. لماذا قررت أن أكتب؟

حصة العيسى، خريجة أكاديمية CNN في أبوظبي و ومتدربة في موقع CNN بالعربية. تعمل حاليا في مؤسسة دبي للمستقبل. الآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

كان يا مكان.. جملة لطالما أحببت سماعها في صغري. تثير مخيلتي وتأخذني إلى مكان وزمان آخرين، لتنسيني أين أنا ومن أكون. فأصبح الشخصية الأساسية في القصة.

بهذا الشكل، بدأ حبي للقصص والروايات وشغفي بها. أستطيع أيضا أن أقول إن قنوات الرسوم المتحركة التي دخلت عالمي في نهاية التسعينيات كانت سببا لذلك أيضا، فبعد يوم طويل وممل في المدرسة، كنت أصل إلى المنزل لأفتح التلفاز وأشاهد قنوات الرسوم المتحركة طوال اليوم. أقلب القنوات بين سبيس تون وكرتون نتورك ونكلودوين. في كل حلقة أعيش دور البطلة فأصبح مرة المحققة الصغيرة، وفي مرة أخرى أصبح الفتاة اليتيمة التي تعيش في سكن داخلي، أو حتى أتخيل نفسي بطلة في كرة السلة. مخيلتي كانت واسعة، واسعة جداً لدرجة أنني أصبحت أعيش فيها أكثر من الواقع حولي.

مرت سنوات عديدة، درست وتخرجت من الجامعة وحصلت على وظيفتي الأولى، وهنا بدأت رحلتي في استكشاف الواقع والعالم الحقيقي. للأسف، مفاهيمي المتخيلة للوظيفة لم تطابق العالم الحقيقي. فصدمت من حقيقة أن في مجال العمل هناك فرضية الحصول على مهام لا علاقة لها بتخصصي الجامعي، وفرضية أن لا يتم التعامل مع كل الموظفين بالمنطق أو بأسلوب راقي، وفرضية أن الجهد لا يساوي النجاح، والكثير من الفرضيات الصادمة التي كانت جزءا من واقع وظيفتي. مع كل هذه الأحداث والمفاهيم الدخيلة علي، بدأت أشعر بشعور غريب، فاكتشفت بعد فترة أنني الاكتئاب بدأ يجد طريقه إلي ولم أرى أمامي سوى الظلام.

في مرة من المرات بعد يوم طويل وشاق في المكتب، قررت ألا أسمح للاكتئاب بالتسرب إلى جسدي وعقلي، فحملت هاتفي وفتحت تطبيق المذكرات وبدأت بالكتابة. كتبت مشاعري الممزوجة بالحزن والتعب والإرهاق. كتبت لوقت طويل ونشرت كل ما كتبته على حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي. لم أتوقع ردة الفعل التي حصلت عليها من أصدقائي ومن يتابعونني. بدأ العديد من الأشخاص الذين أعرفهم ولا أعرفهم بالتعليق على ما كتبته. وشاركني الكثير منهم نفس المشاعر والتجارب، كما أراد آخرون أن يقرؤوا المزيد من كتاباتي. هذا التشجيع الذي وصلني جعلني أشعر بالراحة واتساع الصدر بعد معاناة طويلة.

بعد ذلك اليوم، تعودت على كتابة ما أشعر به. بدأت كل يوم أكتب كل شيء يخطر على بالي وكل موقف أواجهه. كنت أكتب من غير أن أضع حدودا لنفسي ودون أن أخفي مشاعري الحقيقية، فقد أصبحت الكتابة جزءا مني.

ماذا يدفعني لأكتب اليوم؟ أكتب لأني أريد أن يُسمع صوتي ورأيي. أريد أن يعرف الناس من جميع المجتمعات مكانتنا الحقيقية كسيدات عربيات ومسلمات، وهذه هي هويتي. هناك الكثير من الأفكار والمعتقدات الخاطئة والشائعة حول العام عنا وعن حياتنا، وأنا أؤمن أني أستطيع أن أنقل الصورة الصحيحة عبر السرد القصصي. لن تتضح الحقيقة إلا إذا بزغنا نحن أصحاب الشأن وقررنا أن نحكي قصصنا بأنفسنا. أنا اليوم هنا، شابة عربية وإماراتية ومسلمة أرفع قلمي لأكتب رسالة نيابة عني وعن شعب بلادي إلى العالم.

رحلتي مع القصص والسرد مستمرة، وأؤمن اليوم أن كل الرسوم المتحركة التي شاهدتها في صغري أثارت مخيلتي، وكل موقف صعب مررت به جعلني أكتشف نفسي وموهبتي في الكتابة أكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى