اخبار خاصة

جهود انقاذ الريال تصطدم بممارسات الحوثيين

اخباري نت – أثمرت جهود الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي، تحسنا ملحوظا في قيمة الريال، مما أزعج جماعة المتمردين الحوثيين التي تحاول عرقلة المعالجات الاقتصادية الحكومية لأنقاذ العملة المحلية.

واستقرت أسعار العملة المحلية عند 590 ريالا مقابل الدولار الواحد منذ منتصف نوفمبر الجاري، بعد أن كانت قد هبطت على نحو حاد مقابل العملات الأجنبية، منذ نهاية سبتمبر الماضي، عندما وصل سعر الصرف ذروته 800 ريال/دولار في 30 سبتمبر و 1 أكتوبر 2018 مقارنة ب 600 ريال/دولار في منتصف سبتمبر 2018 ، مرتفعاً بحوالي 33.3 % خلال اسبوعين.

وبغرض كبح جماح الدولار وانقاذ الريال، أعلنت الحكومة الشرعية عن حزمة إجراءات اقتصادية، منها استئناف تغطية خطابات الائتمان لواردات السلع الأساسية، ورفع رواتب موظفي القطاع المدني للدولة بواقع 30% ابتداءً من سبتمبر الماضي، ورفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع إلى 27%، والربح على ودائع الوكالة إلى 23%، ورفع سعر الفائدة للسندات الحكومية إلى 17%.

وقال البنك المركزي اليمني، أنه وافق على خطابات ائتمان للمستوردين بقيمة 250 مليون دولار، منذ أغسطس الماضي، في محاولة لتحقيق استقرار في سعر الصرف ولكبح جماح الارتفاع القياسي في الأسعار، مع صعود التضخم بفعل تهاوي قيمة العملة المحلية (الريال).

ويعتمد اليمن في تغطية الاعتمادات المستندية على وديعة سعودية بملياري دولار، تم الإعلان عنها منتصف مارس الماضي، وبموجب خطابات الائتمان، يشتري المستوردين الدولارات بسعر صرف رسمي انخفض تدريجياً من 585 ريال/دولار في نهاية سبتمبر 2018 إلى 570 ريال/دولار في 5 نوفمبر، ثم 548 ريال/دولار في 20 نوفمبر 2018.

ويحاول البنك المركزي استعادة دوره في رسم السياسة النقدية من مقره الرئيس في عدن، لكن بقاء المقرات الرئيسية للبنوك في العاصمة الخاضعة للحوثيين، يضع قرار تلك البنوك بيد المتمردين ويجعل منها وسيلة لتغذية أزمات القطاع المصرفي والتلاعب بالريال.

وبدأت جماعة المتمردين الحوثيين حرباً لإفشال جهود الحكومة في استئناف تمويل الواردات، وقامت بتحذير التجار من التعامل مع البنك المركزي عدن، والتلويح بفرض غرامات على المخالفين الذين سيثبت تعاملهم مع الحكومة، كما تعهدت لهم بتوفير العملة الصعبة لتغطية فاتورة الاستيراد.

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية في نسختها الخاضعة للحوثيينن هددت اللجنة المخالفين من التجار بفرض غرامات ومصادرة اموال وقرارات بوقف النشاط التجاري ضد أيا من التجار المتعاملين مع البنك المركزي التابع للحكومة، وتعهدت بتوفير الدولار للتجار بغرض تغطية فاتورة الواردات.

خبراء مصرفيون أكدوا، أن الحوثيين يحاولون اعاقة الحكومة عن ادارة وتوحيد السياسة النقدية ويعملون على تعميق انقسام الجهاز المصرفي والمالي، لكنهم قللوا من قدرة الحوثيين على ادارة حرب متكافئة ضد الحكومة والتحالف.

وأكد خبير مصرفي فضل عدم ذكر اسمه، أن الحوثيين لا يمتلكون أدوات مواجهة الشرعية وأنه ليس بيدهم سوى المناورة لعلها تفتح لهم نوافذ يستطيعون من خلالها المشاركة في إدارة هذا الملف وجني بعض المصلحة الخاصة بهم كسلطة.

من جانبها، اعتبرت وزارة التخطيط اليمنية ، أن التكفل بتغطية الاعتمادات المستندية لمستوردي السلع الأساسية (القمح، الأرز، السكر، الحليب، زيت الطعام، والأدوية)، يعتبر إجراء مهم جداً لوقف الانهيار المتسارع للريال ولو نفذ مبكراً لمنع انفجار فقاعة سعر الصرف.

وقالت الوزراة في التقرير الشهري الذي تصدره دائرة التوقعات الاقتصادية بتمويل من منظمة يونسيف أن: “استلام منحة نقدية جديدة بمبلغ 200 مليون دولار، ومنحة عينية مشتقات نفطية لوقود الكهرباء( بقيمة 180 مليون دولار)، تؤثر ايجابياً في تهدئة تقلبات سعر الصرف.

وأوضح التقرير،الصادر يوم 20 نوفمبر واطلع عليه “نيوزيمن”، أن جماعة المتمردين تستغل سيطرتها على المؤسسات المالية والمصرفية ومنها فرع البنك المركزي صنعاء، لتنفيذ اجراءات تهدد بإفشال مساعي الحكومة لانقاذ العملة المحلية.

واعتبرت الوزارة، أن بقاء البنك المركزي تحت سيطرة الحوثيين أدى الى انقسام السلطة النقدية ويعيق تنفيذ سياسة نقدية متسقة في عموم البلاد.

وقرر الرئيس اليمني في 18 سبتمبر 2016، نقل المقر الرئيس للبنك المركزي وإدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن، لكن الحوثيين احتفظوا بالبنك المركزي في صنعاء، كبنك مركزي موازٍ خاص بهم، ما تسبب في زيادة أضرار الاقتصاد الوطني، وحصول أزمات متلاحقة، منها أزمة الرواتب وتهاوي قيمة العملة اليمنية.

وقال مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (مستقل)، أن الحوثيين قاموا، سبتمبر الماضي، بتعيين محمد السياني محافظا للبنك المركزي صنعاء بشكل رسمي، ووفقا للمركز؛ من شأن هذه الخطوة أن تقوض جهود الأمم المتحدة لانجاز التسوية الاقتصادية وتوحيد البنك المركزي.

استاذ العلوم المصرفية طارق عبد الرشيد أكد، أن توحيد السلطة النقدية لن يكون عبر توحيد عمل البنك المركزي بل في إخضاع بنك صنعاء كي يتصرف وفق مقتضى السياسة النقدية للبنك المركزي الشرعي.

وقال عبد الرشيد ل”نيوزيمن” :” البنك المركزي صنعاء لا يقوم بعمل ايجابي ضمن السياسة النقدية؛ لأنه لم يعد يسيطر على الأدوات المناسبة في الوقت الراهن للمشاركة الفاعلة, وعلى رأسها أداتي الاحتياطي من النقد الأجنبي وأمر طباعة العملة أو أدوات التأثير في كمية النقود المعروضة بأي اتجاه كان”.

وأوضح الخبير اليمني، أن المأمول من بنك صنعاء فقط التصرف بايجابية (بما لا يعيق اضعاف أداء السياسة النقدية للبنك المركزي الشرعي).

وأشار إلى أنه في حال عدم امتثال بنك صنعاء بالتعامل كفرع للمصرف المركزي عدن سيؤدي -باحتمالية عالية- إلى اعطاء البنك المركزي عدن فرصة أمام الجهات الخارجية للتنصل عن مسؤولياته تجاه الدين العام الداخلي, وبذلك سينطبق على البنك المركزي صنعاء المثل المصري القائل: “دبور وزن على خراب عشه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى