اخبار اليمن

نصف قرن من الحرب الاخوانية على الحجرية

اخباري نت ، مهيوب الفخري:

خلال نصف قرن وحتى اليوم بقيت الحجرية عصيّة على التطويع من قبل تنظيم الإخوان المسلمين وتحالفاته، سواءً تلك المرتبطة بالسلطة أو بمراكز النفوذ القبلي والعسكري في شمال الشمال.

هذا الصمود والتفرد بثقافة سياسية خاصة اكسب هذه الجغرافيا أهمية كبيرة كممثل لظهور قيادات عسكرية وسياسية وثقافية واقتصادية كان لها حضور فاعل على المستوى الوطني خلال 5 عقود من الزمان وأكثر.

وخلال كل فترة زمنية تتعرض الحجرية لهجمة من قبل تحالفات التنظيم الدولي للإخوان في شمال الشمال، وبرز الجنرال علي محسن الأحمر كخصم صريح لهذه المنطقة وقائد لهذه الهجمات التي استهدفت إسكات أي صوت يؤذن بمواصلة مسيرة التحرر من وصاية تحالفات المركز المقدس والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

كانت الحجرية والجغرافيا الممتدة حتى مدينة تعز تشكل كتلة واحدة، وبقيت المدينة مركزا متقدما لتحرك وظهور وتبلور المشاريع السياسية التي ولدت في الحجرية، ومن تعز خرجت هذه المشاريع إلى كل مناطق اليمن.

من عيسى محمد سيف، وأحمد سيف الشرجبي، وعبد الرقيب عبد الوهاب، وعبد الله عبد العالم وقائمة طويلة من رموز هذه الجغرافيا وصولا إلى القائد الشهيد عدنان الحمادي.. كانت حرب التحالفات القذرة تستهدف خنق الحجرية وإسكات مشاريعها الوطنية التي تشكل خطرا على مشاريع التنظيم وصفقاته.

تتعامل ماكينات التحريض والتشويه القذرة مع كل صوت يظهر من هذه المناطق كعدو وجودي حتى لو كان فقط صاحب فكرة وليس قائدا عسكريا، وليس بعيدا استهداف عبد الله نعمان أمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري حتى والحجرية مكلومة بفقد الحمادي، كانت هذه الماكنات الهمجية تواصل مهامها على أكمل وجه، وكأن لسانها حالها يقول: نعمان بعد عدنان.

شكل عدنان الحمادي صحوة ثرية خلال فترة زمنية قصيرة، ورغم كل الضغوط والحملات والاتهام بالمناطقية كان القائد الشهيد يقدم الحجرية كصانعة لمشاريع وطنية وليست دعوات مناطقية مذكرا بدور رجالات هذه المنطقة في ثورة 26 سبتمبر وبناء النظام الجمهوري ومؤسسات الدولة الوليدة بعد الثورة في الستينات.

لم يتمترس الحمادي خلف فكر اليسار المنغلق ولم يتعامل بإقصاء مع حضور حزب المؤتمر وحتى لم ير في التواجد الإخواني بالحجرية مشكلة بل مكون يمني سياسي له طموح ومواجهته ليست بقمعه بل بصناعة مشروع أشبه بعصا موسى يبتلع مخاطره ويحيد تأثيرها مستقبلا حسب ظروف كل مرحلة.

مشروع التنظيم الدولي والجنرال الأحمر وتحالفات النفوذ الجديدة التي زرعت في تعز خلال السنوات العشر الأخيرة تنفذ ما يشبة الضربة القاضية لتفتيت الحجرية وتغيير هوية تعز بالكامل من خلال تقديم صورة جديدة للمدينة وإعادة رسم خارطة القوة والنفود السياسي والاجتماعي في الريف بصيغة جديدة.

يقوم المشروع على كسر جناحي الحجرية وتعز بشكل عام جبل حبشي وجبل صبر واجتزاء الجغرافيا التي تمتد من البيرين حتى تعز وتطويعها بالقوة وتغيير هويتها أيضا وحشر ما تبقى من المناطق في كومة صراعات وتصفيات واجتياحات تحت شعار بسط سلطة الدولة وفرض الأمن وصولا إلى استنساخ نموذج مدينة تعز في مناطق الحجرية وتحويلها إلى ساحة صراع بدلا عن كونها مركزا لظهور المشاريع الثورية ضد تحالفات الهيمنة القذرة.

اعتبر الإصلاح في تعز خطاب الحمادي عن الحجرية كمركز لتحرك المشروع الوطني في المحافظة تهديدا لسلطته ولنفوذ جيش سالم وارتباطاته بالجنرال العجوز وتحالفات التنظيم الدولي وخطرا على إنجازات 5 سنوات من تدمير تعز وهويتها وبناء جيش بأذرع متعددة لحماية مشروع الجماعة ودولة المقر.

واعتبر الجنرال وتحالفاته عودة الروح إلى الحجرية وتواجد قائد عسكري ذي رؤية سياسية وطنية غير منقاد لهيمنة المركز المقدس تهديدا لمشروعه الذي يعمل عليه طيلة عشرة أعوام في تعز ويستهدف ضرب هوية المحافظة وتفكيك مناطقها المتماسكة عبر الصراعات واستثمار الحرب والحصار الحوثي للمحافظة في إدارة مشروعه بكل اريحية خصوصا وأن كبار رموز المحافظة في الشرعية منشغلون بمشاريع تخصهم.

ولأن الغاية واحدة لراسم السياسات والمتعهد المحلي من الباطن، فإن قرار إزاحة الحمادي من المشهد وإعادة خنق الحجرية وإسكات صوتها كان قرار الجميع.

من أزاح أمين محمود، ويحرض على عبد الله نعمان، وهجّر أبو العباس، هو ذاته من قتل الحمادي، وهو ذاته من يعمل بكل جهد وخسة على شن الحرب بمسمياتها المختلفة على الحجرية طيلة نصف قرن وأكثر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى