مقالات

وطن على كف عفريت “تلبس الدين كما يلبس الفرو مقلوبا “!

 عبدالله صلاح*|

ليس كل ما يعلم يقال، لكن يبدو أن المؤامرة التي تستهدف اليمن كبيرة جدا، ولا طاقة لفرد أو حزب أو كاتب مواجهتها….

كنا نكتب من أجل الوطن وحتى لا نهلك،  أما اليوم فلم يعد هناك وطن، والكتابة هلاك لصاحبها…

الوطن اليوم ممزق وبلا ظهر، والكاتب كذلك ممزق وبلا ظهر، لأنه يعيش في لحظة زمنية اختفى فيها العقلاء الذين يعتمدون على الحكمة والحيلة، وتسيد فيها الجهلة والمجانين الذين يعولون فقط على القوة والعنف وإشعال الحرائق.

نعم، نحن نعيش اليوم مع قوم  قد لبسوا الدين كما يلبس الفرو مقلوبا، كما يقول الإمام علي (ع)، في زمن يصور فيه الحاكم ملكه ومدنه بالظلم والقهر واستعباد الناس…

كنا نكتب لأننا كنا نؤمن بأن الحرية من أهم أسباب الخلافة في الأرض، وأن  “الحرية مع الفقر، خير من الاستعباد مع الغنى”. أما اليوم فقد صدقنا وآمنا بنظرية أبي العلاء المعري، في قوله:

(جلوا صارما وتلوا باطلا …..وقالوا صدقنا فقلنا نعم)..

نعم، نحن نعيش مع قوم لا يفقهون أن  الشريعة نفع قبل أن تكون دفعا،  وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله، وأن الله سبحانه وتعالى يقول: “يريد الله أن يخفف عنكم”. و “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”.

نعم، نحن نعيش مع قوم يمارسون الشر ويعلنون للناس بأنهم يقومون بعمل طيب، ويجهلون أن الدين الإسلامي قد دعا إلى اللين في الخطاب حتى مع العتاة،  ويجهلون أن أساس شرعية السلطة السياسية “رضا المحكومين”.

إنه “أصعب شيء على الحليم أن يتصادم مع السفيه”، أو أن يكون ضحية للوطن، فيأتي الفاسدون والعابثون فينزعون سروال هذا الوطن، ويمارسون معه الزنا والفحشاء…

…….

القيادة العليا للمؤتمر وأنصار الله وجهاً لوجه…

هذا العنوان العريض، ليس مدعاة للإثارة الإعلامية والتهليل والتكبير والتبشير، لأنه لا يستحق التلفظ به، ناهيك عن كتابته وإذاعته؛ كونه يافطة فارغة من المحتوى، ولا يمكن  أن يكون ذات جدوى على الإطلاق.

لسنا دعاة فتنة، ولا من المغرمين بالتحريض على شق الصف الوطني. ولسنا أيضا من زراع اليأس والتشاؤم…

لكنه الواقع، ونحن من أصحاب الحديث عن الواقع على حقيقته، وتشخيص مخاطره بحيادية وشفافية، حتى وإن كان ذلك الحديث يبعث التشاؤم واليأس فعلا….

المثقف الواعي والمخلص هو من يقرأ الواقع ويتعاطى مع أحداثه وتحولاته برؤية المستقبل، لا برؤية اللحظة الآنية…..

ولقاء اليوم لا مستقبل له، لأنه ليس لله ولا للوطن، وإنما هو للحفاظ على القيادات العليا من الطرفين، لأن استمرار الخلافات بينهما وحدوث المواجهة، يعني سقوطهما فريسة لدول العدوان والقوى الداخلية المتحالفة معها…

عامان ونصف من العدوان والشعب اليمني في المحافظات التي تقع تحت سيطرتهما، يذبح من الوريد إلى الوريد، جوعا ومرضا وتشريدا، وكأن الأمر لا يعنيهما، بل جعلوا من هذا الشعب بضاعة للمزايدة بينهما..

في كل الأحوال،  حدوث هذا اللقاء وعدمه سواء بالنسبة للشعب اليمني،  فلا آثار إيجابية يمكن أن تنعكس لتحسين إدارة الدولة والتخفيف من معاناة الشعب، والخروج بالبلد إلى بر الإمان…

كذلك، لن تحدث أية شراكة حقيقية على الإطلاق لانعدام الإرادة الوطنية الصادقة والمخلصة، وانعدام توافر الرغبة في القبول بالآخر، والتأسيس لمستقبل يحكم فيه الدستور والقانون، ومبدأ العدالة الاجتماعية…

المهم، الوطن على كف عفريت،والمستقبل أسود، وما يحدث هو تأسيس لحروب طائفية ودينية  ستعيد الشعب اليمني إلى عهود الظلام والاستبداد.

*كاتب وناشط سياسي..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى