تقارير

هادي والإصلاح وقطر في مواجهة تعز والتحالف

اخباري نت – تعز، عماد طربوش:نقلا عن  نيوزيمن،

لم يجد الرئيس هادي، كعادته، أفضل من فرع الإصلاح في تعز ليستخدمه كسلاح جماهيري لابتزاز التحالف العربي أو مهاجمة التحالف لقدرة إصلاح تعز على الحشد وتثوير الشارع وتكييف القضايا وفق رغبات الحزب والرئيس، ولم يجد الإصلاح فرصة مثالية لتوجيه الرمح إلى صدر التحالف خدمة للحليف المستتر في الدوحة.

أخرج الإصلاح أنصاره في تعز واستغل نقمة الشارع جراء أزمة تراجع قيمة العملة الوطنية ورفع سقف الشعارات والهجوم على التحالف متجاوزاً كل الحدود الاعتبارية وسخر إمكانات الحزب وسيارات التوجيه المعنوي للجيش في تعز للتحشيد وأدار الجانب التنظيمي كما هو عهده بالعمل الجماهيري في تعز.

وفي المساء أصدر الإصلاح بياناً تبرأ فيه من التظاهرة والإساءة للتحالف، منكراً أي علاقة له بالاحتجاجات والعصيان والتحشيد، بينما كان نشطاء الحزب وفرق التوجيه المعنوي لمحور تعز تعمل ليل نهار على منصات التواصل الاجتماعي لتسويق دعوات النزول إلى الشارع والكفر بالتحالف والحوثي والشرعية معاً، مع العلم أن الشعار الأول للتظاهرة كان يهاجم السعودية والإمارات كدول احتلال فقط ولم يشر مطلقاً للحوثي والشرعية، بل تم استدراك ذلك لاحقاً.

لم تخرج تظاهرات مماثلة في مأرب والجوف اللتين يحكمهما الإصلاح عسكرياً أولا ويستأثر بالسلطة المحلية والأمنية ثانياً، وانبرى إصلاح تعز إلى التكفل بإيصال الرسائل المحددة سلفاً ليضاعف الإصلاح كثيراً مأزق تعاطي تعز مع التحالف وتوجهاته في اليمن.

حق التظاهر والاحتجاج مكفول ولا أحد ينكر ذلك على أي مواطن سواء في تعز أو حضرموت وصنعاء وحتى صعدة، لكن استخدام الشارع واستثمار أوجاعه كسلاح وأداة طيعة لتحقيق أجندة إقليمية وحزبية ورئاسية على حساب التعاطي المنطقي مع الأزمة وإفرازاتها يضع الإصلاح مجدداً في قفص الاتهام بالانتهازية والنفاق السياسي والمتاجرة بأوجاع الناس.

وللعودة إلى ما قبل وصول محافظ تعز يعرف الجميع أن الإصلاح وقف بشدة ضد أي محاولة للنقابات والأحزاب في تعز للخروج إلى الشارع مطالبة للشرعية بصرف الرواتب تنفيذاً لتوجيهات الرئيس ورئيس الحكومة، بل وصل الحال بإعلام الإصلاح حد أنه اتهم مسيرة البطون الخاوية التي توجهت من تعز إلى حدود لحج والتقت قيادات حكومية للمطالبة بالرواتب، بأن هذه المسيرة عفاشية، ومنظموها ضباط أمن قومي سابقون.

لم يكن الإصلاح يوماً في تعز مع أي مطلب جماهيري مرتبط بالشرعية والحكومة ومؤسسات الدولة الموجودة في إطار إدارة هادي ولكن التظاهرة الأخيرة شكلت ما يشبه إعلان تحرك جديد ضد التحالف تقف خلفه قطر وشبكة تحالفاتها التي من ضمنها مليشيات الحوثي الانقلابية، ويكفي الإشارة هنا إلى تغير جوهري في خطاب إصلاح تعز وقياداته بشكل غير علني بأن المؤتمر والجناح العسكري الذي يشكله طارق صالح يشكل خطراً أكبر من مليشيات الحوثي، وهذا الأمر ليس هنا لابتزاز التحالف مثلا بل تمهيد لتعاطٍ مختلف مع المليشيات مستقبلا يمهد له الإصلاح، وهو ذات منطق توكل كرمان الأحدث الذي يعتبر طرد الاحتلال، أي التحالف، مقدماً على إنهاء الانقلاب.

ما يريده الإصلاح في تعز هو أن يتحمل التحالف كلفة فاتورة الوضع القائم كاملة دون أي اشتراطات أو مطالبات بتحسين إدارة المؤسسات بعد الفساد المهول الذي أظهره الفريق الحكومي والرئاسي القائم سواء في الإدارة أو الإنفاق أو التعيينات، ولأن الإصلاح يستحوذ على نصيب الأسد داخل هذا الفريق من الطبيعي أن يحول الاعتراض على الفساد إلى سياق مختلف وبعيد عن الحقيقة.

يحمل الإصلاح الإمارات والسعودية مسؤولية تدهور قيمة العملة الوطنية، ويرفض المطالبة بتصحيح عملية الإدارة المالية، ويسوق نشطاء الحزب عروضا قطرية للتدخل ودعم العملة الوطنية، شريطة تراجع الإمارات عن تنفيذ ما يراه الإصلاح غير صحيح ويهدد مشروعه للسيطرة والنفوذ.

ومؤخراً بدأت خلايا الإصلاح الإعلامية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تسويق قصص خيالية عن حرب شرسة يتعرض لها الرئيس هادي من التحالف لأنه رفض جملة مطالب سعودية إماراتية تتمثل بوقف العمل في القطاعات النفطية والتوقيع على اتفاقات مجحفة، ووقف عمل الموانئ وحزمة كبيرة من الاشتراطات المقدمة من السعودية والإمارات.

وهكذا يصور الإصلاح هادي كبطل قومي ومحارب صلب يرفض التفريط بمكتسبات وطنية، بينما هذا المكتسبات هي حصة الإصلاح الكبيرة في مناصب عسكرية ومدنية ودبلوماسية حصل عليها منذ وصوله إلى الرئاسة عام 2012م وزاد حجم الحصة بعد الانقلاب وانغلاق هادي على الإصلاح كمكون جاهز أمامه لتمكينه من المناصب والامتيازات.

يقامر الإصلاح بعلاقة تعز مع التحالف كمحافظة محورية في مواجهة المشروع الحوثي ويعمل بانتهازية لخدمة أجندة قطر وإيهام هادي بالعمل لصالحه وتحت توجهاته وتخسر تعز رصيداً مهماً من حضورها وفاعليتها في المشهد لصالح شريحة حزبية أدمنت اختلاق الأزمات والهروب من تبني المسؤولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى