عربية ودولية

من قبرص للتنقيب فليبيا.. جراح أنقرة والأوروبي لم تندمل

تتعدد الملفات الشائكة التي فاقمت التوتر بين أنقرة ودول الاتحاد الأوروبي على مدى السنوات الماضية. فمن قبرص إلى ملف اللاجئين والتنقيب عن الغاز في المتوسط، مرورا بليبيا وحقوق الإنسان، والجمعيات التركية في فرنسا وغيرها، واتهامات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة بإمكانية التدخل في الانتخابات، كلها “جراح لم تندمل” بعد بين الطرفين، على الرغم من التهدئة التي سادت المشهد في الفترة الماضية، وتخفيف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وغيره من المسؤولين الأتراك من حدة لهجتهم.

في هذا السياق من المعطيات، تأتي زيارة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية اورسولا فون دير لايين اليوم إلى أنقرة، عارضين شروط الاتحاد لاستئناف تدريجي للعلاقات الاقتصادية ومناقشة الدعم للاجئين المقيمين في تركيا.

كما يحملان “خريطة طريق” هي عبارة عن قرارات اتخذها قادة دول الاتحاد خلال قمتهم في 26 مارس على ما أوضح عضو في بروكسل.

عين أنقرة على أوروبا

يأتي هذا فيما لا تزال عملية انضمام أنقرة إلى التكتل الأوروبي في جمود منذ عدة سنوات، بسبب توترات تلك الملفات الخلافية.

فمنذ 1963، تسعى تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقد وقعت في 12 أيلول/سبتمبر اتفاق شراكة مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية (التي كانت التكتل الأوروبي سابقا قبل أن تصبح الاتحاد) يذكر “إمكانية عضويتها”.

لكن تم تجميد عملية الشراكة هذه بعد الانقلاب العسكري في تركيا في أيلول/سبتمبر 1980.

وفي 1987، قدمت أنقرة رسميا ترشيحها الى الاتحاد الأوروبي.، لكن المفوضية رفضته متحدثة عن مشاكل اقتصادية وسياسية.

وضع حقوق الإنسان

كذلك، في 1995، تم توقيع اتفاق اتحاد جمركي، لكن سرعان ما تم تعليقه مع انزعاج اليونان بسبب قضية قبرص، حيث تحتل القوات التركية القسم الشمالي من الجزيرة منذ العام 1974 ، معلنة “جمهورية شمال قبرص التركية” منذ العام 1983 من جانب واحد.

في نهاية عام 1999، منح الأوروبيون تركيا وضع مرشح بدون تحديد موعد لبدء المفاوضات. وطلبوا منها تحسين وضع حقوق الإنسان وأدائها الاقتصادي.

ثم في عام 2001، تبنت أنقرة “برنامجا وطنيا” من اجراءات سياسية واقتصادية، وفي العام 2002 صوت البرلمان على إلغاء عقوبة الإعدام ومنح حقوق ثقافية للأكراد.

إطلاق عملية الانضمام

بعدها أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصل الى السلطة عام 2003 مع حزب العدالة والتنمية مشروع إصلاحات سياسية واقتصادية على أمل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فوقعت بلاده في تموز/يوليو 2005، “بروتوكول أنقرة” الذي وسع اتحادها الجمركي إلى الدول العشر التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004 ، بما فيها قبرص لكنها لم تصادق عليه.

وفي تشرين الأول/اكتوبر، أطلقت مفاوضات الانضمام رغم معارضة عدة دول لا سيما النمسا.

تعثر المفاوضات

لكن في وقت سريع جدا، تعثرت المفاوضات.فقد عرقلت ألمانيا وفرنسا فتح خمسة فصول تفاوض وانضمام جديدة كان من شأنها أن تجعل انضمام تركيا مسارا لا عودة عنه. واقترحت عام 2009 “شراكة مميزة لتركيا لكن ليس عضوية كاملة”.

في حين رفضت أنقرة أن توسع نطاق فوائد اتفاقياتها للتنقل الحر مع التكتل الأوروبي لتشمل قبرص.

اتفاق الهجرة.. وانقلاب فاشل

لاحقا استؤنفت المفاوضات (عام 2013) لكنها عادت وتأخرت بسبب قمع موجة احتجاجات في تركيا.

وفي أوج أزمة طالبي اللجوء الفارين من سوريا بالملايين، زارت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2015.

ثم في آذار/مارس 2016 أبرمت أنقرة والاتحاد الأوروبي اتفاقا يتيح أن يقلل بشكل كبير عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا.

وفي نهاية حزيران/يونيو، تم إطلاق فصل جديد يتناول قضايا الميزانية.

لكن العديد من الدول الأوروبية لا سيما ألمانيا شهدت توترات خطيرة مع تركيا بعد الانقلاب الفاشل في تموز/يوليو الذي أدى الى عمليات تطهير كثيفة.

توتر متصاعد

وفي 15 تموز/يوليو 2019، اعتمد الاتحاد الأوروبي سلسلة إجراءات سياسية ومالية لفرض عقوبات على استمرار عمليات التنقيب التي تقوم بها تركيا بشكل غير شرعي في المياه الإقليمية لقبرص رغم تحذيراته.

كما انتقد في تشرين الأول/أكتوبر، هجوم أنقرة على شمال سوريا ضد مجموعة مسلحة كردية.

إلى ذلك، دان وزير خارجية الاتحاد في كانون الثاني/يناير 2020، “تدخل” تركيا في النزاع الليبي

طلب ضمانات

كما انتقد قادة الاتحاد في 11 كانون الأول/ديسمبر، تصرفات تركيا “غير القانونية والعدوانية” في البحر الأبيض المتوسط واكتفوا بفرض عقوبات فردية يفترض أن تستهدف أشخاصا ضالعين في أنشطة التنقيب في المتوسط.

لكن أردوغان عاد وأكد في 15 من الشهر نفسه رغبته في فتح “صفحة جديدة” مع الاتحاد الأوروبي.

إلا أن أوروبا طلبت في 25 آذار/مارس 2021، ضمانات من أجل إعادة إطلاق العلاقات، ووضعت أنقرة تحت المراقبة حتى حزيران/يونيو لإظهار رفضها لتدهور الحقوق والحريات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى