مقالات

” لقمة حلال ” يأكلها ” ولاد الحرام “

– زياد البسارة – صحفي يمني

ضمن خارطتها البرامجية للموسم الرمضاني الحالي – أنتجت قناة السعيدة العديد من البرامج والمسلسلات التلفزيونية الناجحة ، ربما أقلها أهمية ونجاحا مسلسل ” لقمة حلال ” – والذي أحسب أن قصته مستوحاة بالكامل من فيلم سينمائي مصري قديم بعنوان ” ولاد الحرام ” – إذ يكاد السيناريو أن يكون واحد مع إختلاف في طبيعة الحوار الذي يفرضه إختلاف اللهجات بين البلدين

التشابة بين هذه العملين الفنيين يصل حد التطابق ، إذا ما أستثنينا وجود دور ” الرقاصة سوسو ” في فيلم ولاد الحرام وأستبداله بدور الاستاذة حنين في مسلسل لقمه حلال مع بقاء شخصية فوزي ” أخو حنين أو سوسو ” على حالها دون تغيير في كلا العملين – ربما لم يتنبه المؤلف إلى معالجة هذه الشخصية – في حين تستمر الشخصيات والأحداث بذات التشابه في كلا العملين مع إختلاف قليل في الاسماء وبعض المشاهدالتي فرضها مثل هكذا إقتباس
شخصية المعلم الكبير فرج تاجر الشمطة في فيلم ولاد الحرام هي ذاتها شخصية ظافر مهرب المخدرات الكبير في مسلسل لقمة حلال- الولد المدلل ” بتاع النسوان ” مصطفى البرنس في فيلم ولاد الحرام هي ذاتها شخصية فهد الشبح في مسلسل لقمه حلال – الشاب أيمن ذراع المعلم فرج اليمين في فيلم ولاد الحرام هي ذاتها شخصية الشاب أيسر المفضل عند ظافر في لقمة حلال- البطل الرئيسي سعد اليتيم في ولاد الحرام هي ذاتها شخصية غياث أو أسعد في لقمة حلال – الطفل الصغير كمال الذي إختطفه المعلم فرج هو ذاته الطفل حبيب الذي إختطفه ظافر في لقمة حلال- العم حسنين الصديق المقرب من المعلم فرج هو ذاته العم حاتم المقرب من ظافر في لقمة حلال- بالاضافة إلى كثير الشخصيات والأحداث التيوصل التشابه بينهما حد التطابق.

وعلى الرغم من كون المسلسل اليمني قد إعتمد على ذات الفكرة الدرامية التي تناولها الفيلم المصري في التعامل مع ظاهرة تجارة المخدرات في المجتمع اليمني والمصري – فقد وصل التشابه بينهما حد إقتباس الاول من الآخر نصوص الحوار على ألسنة شخصيات المسلسل اليمني من قبيل عبارات ” لحم أكتافنا من خيرك- أخلص عليك- برضو – كمان …الخ – بالاضافة إلى جملة الأماكن والمشاهد التي لا يمكن أن تكون إلا في البيئة المصرية حيث ” الغرزة ” التي كانت تجتمع بها عصابة ظافر لتعاطي لفائف الحشيش مع هو الحال في المجتمع المصري ، وحيث مشاهد العنف والأكشن والقتل بدم بارد دون أن يرق للقتله جفن .

الفنان اليمني الشاب الواعد عبدالله يحي إبراهيم – وجد نفسه في هذا العمل كشخصية رئيسية يتمحور حولها هذا المسلسل بناء على حضوره الكبير في أعمال درامية رمضانية سابقة مثل سد الغريب وخلف الشمس ، على إعتبار أن هنالك حاجة درامية تستدعي وجوده في هذا العمل نظرا لنجاحه في أدوار الاكشن التي تميز بها في الاعمال السابقة – لكن الملاحظ أن مجموعة الأحداث التي يدور حولها هذا المسلسل ” لقمة حلال ” لا تعكس طبيعة وحقيقة الأحداث والقضايا ” اليمنية ” التي تحتاج فعلا إلى تناولها فنيا في الاعمال الدرامية الرمضانية بالشكل الذي يسمح بمعالجتعا دراميا أما بما يدفع المشاهد اليمني إلى إتخاذ موقف ايجابي يحفز من هذه الظاهرة أو بما يدفعه الى إتخاذ مواقف معادي لهذه الظاهرة ، على إعتبار أن هذه هي رسالة الدراما التلفزيونية في كل زمان ومكان.

ومن خلتل متابعة المشاهد اليمني لهذا المسلسل الرمضاني ” لقمة حلال ” – ليس من الصعوبة أن يتذوق المتابع منذ الحلقة الأولى لهذا المسلسل وجود ” نكهة مصرية ” في هذا العمل سواء من خلال الاحداث التي يدور حولها المسلسل أو في ذلك الاداء الذي تصنع فيه الكثير من ابطال المسلسل محاكاة وتقليد ابطال الدراما المصرية.
ولربما لجأ المؤلف إلى إستنساخ هذه الاماكن الشعبية المصرية بما يخدم قضيته الاساسية التي يتناولها في المسلسل والمتمثلة في قضية الاتجار بالمخدرات وتعاطيها في المجتمع اليمني ، متناسيا أن الشاب اليمني يجد صعوبة كبيرة في الحصول على ثمن القات فما بالكم اذا ما كان بحاجة إلى ثمن المخدرات من الحشيش او الافيون أو غيرها .

هذه الظاهرة رغم أهميتها وخطورتها لم تكن تحتاج إلى كل هذه المساحة الكبيرة حتى يخصص لها مسلسل تلفزيوني وفي وقت ما أحوجنا فيه إلى تناول قضايا ذات أهمية وأهتمامات كبيرة لدى الشارع اليمني – رغم علمي أن لجوء المؤلف إلى تناول مثل هكذا قضايا كان نابع من الهروب من رقابة سلطة الأمر الواقع التي جيرت مناقشة الكثير من القضايا والظواهر تحت الخطوط الحمراء التي لا يتوجب على الفنان اليمني الخوض فيها ، نظرا لإرتباط أسباب هذه القضايا والظواهر بوجوده على رأس النظام السياسي الذي يحكم البلد.

وبالعودة الى تفاصيل هذا العمل التلفزيوني الرمضاني ” لقمة حلال ” – يمكن الحكم على فشل هذا المسلسل من حيث النص بإعتباره قد أقتبس من واقع الدراما المصرية في تناول مثل هذه القضايا شكلت ومضمونا – وبهكذا إقتباس يتعارض مع خصوصية المجتمع اليمني مع هذه الظاهرة ” المخدرات ” وحجم إنتشاره المحدود في الشارع اليمني لوجود القات بديلا عنه – فقد وقع المؤلف والمخرج في مأزق جديد تمثل في ضرورة محاكاة المجتمع المصري في التعامل مع هذه الاقه سواء من خلال طريقة تعريبه أو العمل به وصلت احيانا بكونها محاكاة دقيقة لشكل تجارة هذه الافة وطريقة تفكير ونمط حياة التجار الذين يعملون في هذا المجال وكذا العصابات التي يتخدها التجار بطانة لهم في القيام باعمالهم وما يترتب على ذلك من ” تهوين ” كمية الدماء التي يجب أن تسفك في سبيل الحفاظ على هيبة ومركز تجار المخدرات والقتل إستجابة ” للحبكة الدرامية ” التي وضعاها المؤلف والمخرج من أجل إثارة المشاهد تسير بالضرورة مع كمية وافرة من ” الاكشن ” التي يتطلبها مثل هذه الاعمال التلفزيونية .

وبهكذا وصف كان جدير بهذا المسلسل أن يحمل اسم ” لثمة حرام ” بدلا من كونها حلال نظرا لطبيعة الموضوع والاحداث التي يدور حولها هذا المسلسل
ومن جانب آخر يتمثل في كون اخراج هذا المسلسل قد تطلب التركيز أكثر على خطط ومكائد تجار المخدرات والعصابات المرتبطة بهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى