مقالات

رغم كل شيئ : “ظل دولة ولا ظل مليشيا”

أمين الوائلي

تغلي وتتفاعل مشاعر الضيق والرفض تجاه الحوثيين، لدى غالبية الناس والسكان وبوتيرة واحدة من التصاعد والتمدد. سواء في العاصمة صنعاء أو في المحافظات الأخرى، المعبأة وتتعبأ كل يوم بالنقمة والمجاهرة بها، بحيث باتت تشكل في كثير من الشواهد والحالات مصدرا للخوف والتوجس بالنسبة إلى الحوثيين فضلا عن المتحوثين.

 

لكن في المقابل فإن موعد وطريقة وفاعلية الإنفجار الشعبي، المتوقع كنتيجة مقدرة وأخيرة للغليان في المدن والمحافظات الخاضعة لسيطرة وسطوة الانقلاب، يفترض القول بانه يتوقف على عوامل وشروط أهمها أو الحاسم منها لا تحدث هنا بالضرورة بل في المدن والمحافظات المحررة.

 

الرسائل والإشارات الإيجابية التي ينبغي ان تصل إلى الغالبية من اليمنيين، في المحافظات تحت سيطرة العصابة والمليشيا، الذين يكتوون بالمعاناة اليومية والتسلط وفقدان الأمل وانسداد الأفق وسبل العيش الكريم، هي ما لا يحدث واقعا بدرجة أو بأخرى ولا يحصل عليها الناس من المحافظات تحت سلطة الدولة والشرعية.

 

مساعدة الناس على مساعدة أنفسهم واجب ومسئولية جميع من يتخندقون مع الشرعية ويتقاسمون سلطات ومسئوليات وامتيازات الدولة بما هي سلطات ومسئوليات تتضاعف مسئولياتها في الظروف الاستثنائية.

 

يعاني الناس في إب المدينة ومحلياتها من تنفذ وعبث وفساد وتسلط وانتهاكات المليشيا. مشاعر الغيض والرفض والنقمة تغتلي في الأنفس وفي الصدور. لكن الناس لا يحصلون على رسائل جيدة ومحفزة، بالنظر مثلا إلى ما يحدث واقعا على مرمى بصر منهم في تعز وما يستمر في الحدوث.

 

اﻵلاف من أبناء مدينة تعز هم نازحون في إب. والجميع يفكر ويقارن ويعتمل بالغليان وبالقلق وبناقص شروط الثقة أو الاطمئنان إلى خيار وقرار. بالتالي فإن من يؤجل أو يعطل ويعيق عودة الحياة والأمن والاستقرار وعودة تعز.. إلى تعز، مسئول بالتتابع عن تحبيط وتثبيط همم الناس والسكان في إب وإطالة زمن المليشيا وتأجيل الانفجار. وعلى هذا قس.

 

ولا يود كثر في هذه الضفة؛ في مراكز تموضع وحواضر حضور مراكز قوى ومتفرق سلطات الدولة والشرعية.. من عدن وحتى مأرب وبينهما تعز، الاستماع إلى أو التعاطي مع الرأي القائل، إن إغراء الناس وتحفيزهم؛ إلى الانفجار في وجه العصابة واللصوص والمتنفذين والنهابة والجهلة المتنمرين وملاقاة الدولة وسلطاتها والتحرير وجيشه الوطني، يقتضي بالضرورة إعطائهم (الناس) التطمينات الدنيا بمقتضى الثقة وبعثها واقعا مرئيا ومشهودا. في ظل التأخر أو التعثر في تطبيع الحياة العامة والمدنية واستتباب الأمن والخدمات وتحسن ظروف العمل والاقتصاد والتجارة والأسعار والدخل والصرف وغيرها من المعطيات والمغريات التي يفتقدها الناس والسكان في المحافظات غير المحررة.

 

التحرير هدف نهائي. لكن المهمة ليست فقط عسكرية وربما تكون في النتيجة كذلك لكنها أيضا وباﻷولى سياسية وإدارية واجتماعية وإنسانية واقتصادية وثقافية وحتى استخباراتية.

 

لنتذكر ان المليشيا لم تكن قوية عسكريا عندما اجتاحت العاصمة صنعاء وما بعدها وأسقطت الدولة والحكومة واعملت الخراب في الحياة برمتها. لكنها كانت تسقط واقعا سقط فيه ووصولا إلى تلك اللحظة كل شيئ من مقومات وشروط ومعطيات الصمود والتماسك والتحصن الذاتي.

كان الصراع السياسي والكيد والعبث والتدمير الذاتي وفي كل اتجاه ومجال قد أتى على كافة وأهم الضمانات والشروط لبقاء دولة وسلطة وجماعة في وجه مليشيا.

 

وبالمثل فإن التحرير وعودة أو استعادة الدولة والتخلص من لعنة المليشيا، ليست او لن تكون وفقط مجرد عمل عسكري.. ما لم تسنده وتتقدمه وترافقه وتبني عليه واجبات ومسئوليات ومهام الدولة والسلطة والشرعية. ككل مؤسسي واع ومسئول ومنضبط وبرامجي، لا متفرق شرعيات ومراكز وسلطات تتوزع أو تتنازع الغاية التي لما يتوصل إليها بعد.

 

حسنا، القصة ليست هنا. أو ليست هنا فقط. ليس أن المواطنين يفتقدون مجيئ ورسائل وتطمينات الدولة إليهم في محافظاتهم ومناطقهم تحت نير الانقلاب والمليشيا. بل أنك تجيئ إليها.. ولا تعرف، أين وكيف تجدها. ولا يجد أحد من مسئوليها في نفسه حاجة ليرد عليك أو يفيدك خبرا من حيث هم في مدن متوزعة بين قارتين.

 

ورغما عن كل شيئ “ظل دولة ولا ظل مليشيا”.

 

[email protected]

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى