مقالات

رأي| هل كان صالح مخفقا تماما في التعامل مع السعودية ؟..

نبيل حيدر|

هل كان صالح مخفقا تماما في التعامل مع السعودية ؟..

رغم مساوئ حكم صالح إلا أنه أثبت قدرته على التغريد خارج سرب الفساد و خارج الريال السعودي الذي تقاسمه طيلة حكمه و قبله مشائخ و سياسيون و غيرهم .

كان اولئك يقبضون المال السعودي بانتظام ، و كان صالح يشتري الصواريخ و الذخيرة و يكدسها في مخازن اشتغل على تدريعها . و لم تكن الصواريخ للدفاع عن نظام حكمه ، بل كانت لمثل سنوات العدوان السعودي الثلاث التي نعيشها .

صالح أتقن ملاعبة النظام السعودي في إظهار الانصياع له ، و إن كان الموقف الرسمي له عقب اجتياح صدام حسين للكويت واضحا في رفض الانصياع للإرادة السعودية بالدخول في تحالف دك العراق .
و من ذلك اليوم لم تكن علاقة صالح بالسعودية كما بقت مثلا علاقة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر و كما صارت اليوم علاقة هادي و كما كانت و عادت علاقة قيادات إخوان اليمن ، و أيضا كما صارت اليوم علاقات الاشتراكي و الناصري و العلماني و الذي كان يقول أن السعودية تدمر اليمن طيلة عقود و ارتمى اليوم تحت أقدامها.

و يصح لي القول ، وفق الوقائع ، بأن علاقة صالح بالسعودية لم تصل الى مستوى علاقات هؤلاء خاصة في الانصياع التام و خاصة أخرى بعد تبدد عويلهم السابق من التدخل السعودي الذي أضافوا عليه القطري حينا و الإماراتي أحيانا ثم صاروا يتغنون بأمجاد التدخلات هذه و و تقطيعها لليمن ، و بعد صراخ مزمن من الاتفاق الحدودي المبرم مع السعودية ، فُضحت حقيقته اليوم في مواقفهم الارتزاقية .

رفض صالح – المتهم دوما بإدخال الحوثيين إلى صنعاء- قتال الحوثيين قبل شن العدوان عندما عرضت عليه الرياض و أبوظبي إعادة تحالفه مع الإخوان و بدعمهما ، و قاتلهم لاحقا منفردا عندما ضيقوا على وجوده و أرادوه إما جثة و إما منصاعا لهم تمام الانصياع .
و رفض صالح أن يذهب إلى أي حوار أحادي بدون الحوثيين و حتى عندما ذهبوا الى ظهران الجنوب السعودية منفردين أيد ذهابهم رغم أنه لم يعلم بالذهاب إلا متأخرا ، و عندما وقّع الحوثيون في مسقط على الالتزام بمبادرة كيري بدون التشاور مع حزب صالح وقع صالح لاحقا بعد أن اتصل به العمانيون الذين أكدوا على ضرورة وجود توقيع المؤتمر بجانب أنصار الله في ( الالتزام ) .

كان صالح واضحا في تحالفه مع الحوثيين و هو التحالف الذي سخطت منه – عند بداياته الرسمية بالتوقيع على وثيقة التحالف ) العديد من مراكز القوى داخل حركه الأنصار و اشتغلت لاحقا على إعداد براميل البارود و تفجيرها كما تحقق .

بنفس الأداء ( المتعقل) أدار صالح حرب 1994 على قوى الانفصال المدعومة من الدول الخليجية آنذاك ، إلا أنه في هذه لعب على الوتر السعودي الذي كان في حقيقته وترين ، وتر فهد بن عبدالعزيز الملك وقتها و الذي كان موقفه ضد الانفصال و إن لم يعلنه رسميا و هو مثبت في اتصال هاتفي مع صالح أيامها قال فيه موقفه و الذي أثبته ايضا الشيخ عبدالله في مذكراته ، و وتر أهمل تحركاته و هو وتر جماعة النفوذ حول فهد و المتمثلة يومها في الأمراء سلطان و نايف و سعود و تركي الفيصل المؤيدين للانفصال و الداعمين له بالمال و بعض الحراك السياسي .

انغمس صالح في حلبة مواجهة التدخل السعودي في اليمن بشكل عام بالعتاد العسكري الفعال وقت اللزوم و لكنه لم يواجه أدواته بحزم و ها هي اليوم قد توسعت .
كان صالح يدرك أن السعودية عدو تاريخي و لهذا أعد العدة ، و حتى عندما جلبها لرعاية المبادرة الخليجية في 2011 فكان يشتغل وقتها على موقف الملك عبدالله آنذاك و الراغب في تضييع فرصة السيطرة من يد جماعة الأمير نايف الممثلة في ولده محمد الذي لقي حتفه السلطوي مؤخرا و معه تحالف إخواني إقليمي مبطن .

و كذلك عندما شارك صالح في الجلوس مع قيادات حزبية مصرية في جده عقب سيطرة الإخوان على الحكم في مصر و بتوافق مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز فكانت غاياته بعيدة تماما عن العمالة للسعودية ، و بما فيها من غايات شخصية صبت في الأخير في خط وأد الوحش الإخواني الذي ظن أنها صارت دولته من المحيط إلى مشارف الخليج .

عقب جلوس صالح مع المصريين في جده و في أقل من عامين كان وفد أنصار الله في السعودية يتحاور مع جماعة الملك عبدالله حول تفاهمات ما ، و بالتزامن مع تحرك الأمير سلمان ( آنذاك ) للتجهيز للعدوان على اليمن و فيما الملك عبدالله على سرير الاحتضار كان وفدا سعوديا آخر في صعدة يستعرض مع الحوثيين أمورا ما معتمدا على التفاعل السعودي الايجابي مع تحرك أنصار الله من صعدة إلى خارجها ، ليس كل الخارج ، و مع موقف السعودية الحاسم لصالح الأنصار في أحداث دماج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى