مقالات

رأي| الإرهاب يتقاتل في تعز والحوثيون يتربصون

اخباري نت – علي البخيتي /
أبو العباس إرهابي، هكذا وبعد سنوات من وصف ناشطي وكتاب وصحفيي ومواقع وقنوات حزب الإصلاح “الإخوان المسلمين” له بأنه من أهم قادة المقاومة في تعز عندما كانت بندقيته موجهة ضد جماعة الحوثي، وبين ليلة وضحاها أصبح الإرهابي الأخطر داخل تعز فقط لأنه اختلف معهم.
وعلى الطرف الآخر ينشط الإعلاميين والسياسيين السلفيين والمدعومين من الامارات بحملة ضد حزب الإصلاح ويصفونه بأنه حزب إرهابي مرتبط بقطر، ويدافعون باستبسال عن أبو العباس المحسوب عليهم.
يتربص الحوثيين بالجميع، بل ويبتسم بعض قادة الجماعة عندما يرون من تكاتفوا على محاربتهم يخوضون حرب شوارع داخل مدينة تعز أدت لسقوط الكثير من الضحايا ما بين قتيل وجريح، كما أدت لدمار هائل في المنازل والبنية التحتية وحولت حياة المواطنين لجحيم.
الحوثيون سعداء مما يدور في تعز لعدة أسباب، أولاها أن المناطق التي تحت سيطرة خصومهم ومنها تعز وعدن أقل امناً بكثير من مناطقهم وأقل في الخدمات وفي كل شيء، وثانيها أن الجماعات التي قاتلتهم تحت مسمى “المقاومة” والدفاع عن “الجمهورية” و “الحرية والديمقراطية والمدنية” ومن أجل اسقاط “جماعة دينية طائفية” قدمت نموذج أسوأ بكثير منهم على كل المستويات، وها هي تتبادل فيما بينها تهم الإرهاب، ويحكم كل منهم مربع وفق أجندة طائفية كذلك، ولا علاقة لأي منهم بأي من الشعارات التي رفعوها عند محاربتهم للحوثيين.
لا شك أن حركة الحوثيين جماعة إرهابية، لكن ارهابها أكثر حصافة من خصومها، فهي لا تمثل بالجثث ولا تسحلها في الشوارع علناً كما فعلت جماعة “المقاوم” أبو العباس، ولا تعدم الأسرى وتنشر مقاطع لتلك الجرائم كما فعلت “المقاومة الجنوبية”.
الإرهاب الحوثي أكثر تنظيماً ووعياً، وحريص على ألا يتم وصمه بالإرهاب، كما أنه يملك استراتيجية بعيدة المدى تجعل ارهابه غير مرصود من المنظمات الحقوقية الغربية ولا من الدول الأوربية والولايات المتحدة لأنه لا يتعرض لمصالحها وللمواطنين الغربيين مطلقاً، ولا يستهدف الا اليمنيين، وتلك الدول لا تهتم الا برعاياها، ولذلك لا تزال تتعامل مع الحوثيين باعتبارهم تيار سياسي أو جماعة دينية تخوض حرب دفاعاً عن حريتها في ممارسة شعائرها. بينما الجماعات الأخرى والتي تتقاتل في تعز اليوم يمارس بعضها الإرهاب علناً بل ويفتخر به، كما أن تفكيرها محدود وخططها تكتيكية، ولا تهتم لنظرة الآخرين لها، ولذا نجد الكثير من رموزها على قوائم وزارة الخزانة الأمريكية باعتبارهم ارهابيين.
ليست المشكلة في الحوثيين ولا في السلفيين ولا في الإخوان المسلمين ولا في القاعدة وداعش، المشكلة في الدينامو الذي تعمل عليه كل حركات الإسلام السياسي، الموروث الديني المشترك، والذي يؤدي الإيمان به والعمل على تطبيقه الى ممارسة الإرهاب بدعوى الوصاية على الشعب كما يفعل الحوثيين، وبدعوى الوصاية على العالم كما تفعل تنظيمات مثل القاعدة وداعش وجماعة أبي العباس القريبة منهم وجماعات أخرى انبثقت عن جماعة الاخوان المسلمين والتي تخوض حرباً هذه الأيام ضد الحكومة المصرية وتستهدف الكنائس والمسيحيين والنقاط العسكرية والمعسكرات.
الموروث الديني هو “الدينامو” المشترك الذي ينتج كل ذلك الإرهاب، وما لم يتم نقد ذلك الموروث وتنقيحه وفصل الدين عن مؤسسات الدولة وآلية الوصول للسلطة كما فعل الغرب من قبلنا لن نتقدم خطوة واحدة، وسيبقى كل طرف يهادن الجماعة الدينية الأقرب له ثم يفاجئ بسكينها يذبحه عندما تتمكن.
كلمة أخيرة لا بد منها: من وجهة نظري الخاصة يعد إرهاب الحوثيين هو الأشد خطورة على اليمن كدولة وشعب، لأن هذا النوع من الإرهاب المراوغ والمنضبط يصعب مواجهته، هذا النوع من الإرهاب تمكن من تأسيس أنظمة معترف بها تحكم دول كإيران وجماعات مشاركة في الحكم كحزب الله، إرهاب مستتر ينتظر التمكين، يدعي احترامه للديمقراطية ومختلف القيم الإنسانية لكنه يعمل ليل نها على تقويضها. بعكس إرهاب القاعدة، إرهاب واضح، ويقول للعالم من خلال تصرفاته: نحن هنا تعالوا لحربنا، وهذا النوع يصعب عليه انشاء أنظمة معترف بها ولا حتى الشراكة في الحكم، ومن هنا أعده أقل خطورة من إرهاب الحوثيين. #علي_البخيتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى