اخبار اليمنتقارير

اليمني يموت بين ما يريده باتريك وجماعة الحوثي في الحديدة . أين ذهب ضمير “الأمم” الإنساني؟

اخباري نت، سياف الغرباني:

ارتفعت تحذيرات الأمم المتحدة، من كارثة إنسانية في اليمن، بمجرد أن طرقت مدرعات القوات المشتركة، بوابات مدينة الحديدة على الضفة الشرقية للبحر الأحمر، رغم أن ما تصنفها المنظمة “أسوأ أزمة إنسانية في العالم” هي في الأصل، نتيجة طبيعة لسطو وكلاء إيران على دولة اليمنيين ورغيفهم.

بيد أن منسوب الضجيج الأممي الإنساني، بلغ مديات عليا، مع كسر دفاعات المتمردين الحوثيين في محيط المدينة وتوغل القوات المدعومة من التحالف العربي، إلى قلبها، إذ توالت التحذيرات من شبح مجاعة يتهدد ملايين اليمنيين، مع اقتراب القوات المشتركة من انتزاع الميناء الاستراتيجي.

ومن وقت مبكر تقول الأمم المتحدة ومسؤولوها في اليمن، إن أي عمل عسكري سيجابه بعمل مضاد وستنتج عنه

معاناة إنسانية كبيرة

، وهي ذات الجملة العسكرية التي قالوها عند تحرير ميناء “المخا” ولم تجد جماعة الحوثيين، غير ظهور الأهالي لتتخذ منها دروعاً بشرية في مواجهة قوات التحالف العربي، وفرت في النهاية.

ودخلت المنظمة والهيئات التابعة لها، خط التجاذبات الدولية حول عملية الحديدة، من بوابة الوضع الإنساني، حيث أطلقت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي، منتصف سبتمبر الماضي، تحذيراً ذهبت فيه إلى احتمال

توقف مطاحن البحر الأحمر

، وفقدان 3,5 ملايين نسمة للغذاء حال استمرت الاشتباكات.

وفور إكمال زيارته للحديدة أطلق ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي نداءً قوياً وجهه لكافة الأطراف المتحاربة يحثهم فيه بقوة على “وضع حد لهذه الحرب المروعة”. وقال إن “قلبه لينفطر” بعد أن شاهد “في مستشفى بالحديدة الأطفالَ الصغار يعانون من سوء التغذية الحاد لدرجة أن هياكلهم أضحت قليلاً من الجلد والعظم، وبالكاد يقدرون على التنفس”.

ونادى المسؤول الأممي “باسم الإنسانية” كافة الأطراف المتحاربة إلى أن “تدع الأطفال يعيشون، وأن تسمح للناس بالبدء في إعادة بناء حياتهم من جديد.”

واستحوذت التطورات في الحديدة على الجزء الأكبر من الأحداث في اليمن في عام 2018، وطوال العام قام مسؤولو الأمم المتحدة بزيارات مكثفة من أجل “إبراز المحنة الإنسانية”، قبل أن يتبنى الموفد الدولي مارتن غريفيث اتفاقاً لوقف إطلاق النار وسحب القوات منها، وعززه مجلس الأمن الدولي بالقرار 2451.

غير أن ضجيج الأمم المتحدة حول “أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم” خفت في غضون دخول “وصفة الحديدة” حيز التنفيذ ووصول رئيس الفريق الأممي المكلف بالإشراف على خطة إعادة الانتشار الجنرال الهولندي باتريك كاميرت إلى الحديدة غربي اليمن.

في الأثناء تراجعت وتيرة تصريحات المسؤولين الأمميين، وتبدو المنظمة كما لو قد بلعت لسانها أمام معاناة آلاف اليمنيين في الحديدة، في وقت انصرف كبير بعثة المراقبة إلى تثبيت يده على موانئ المدينة تمهيداً للعب “دور رائد” في إدارتها، على حساب إغفال الملف الإنساني.

وكان يتوقع أن تباشر وكالات الأمم المتحدة توسيعاً ضخماً لنطاق مساعداتها الإنسانية في الحديدة والمناطق المتضررة، إلا أنها عادت لاختزال “حاجة اليمن الآن في وقف الاقتتال” وصولاً إلى إعادة تشغيل الاقتصاد، والتحكم في تدهور العملة اليمنية، ودفع رواتب الموظفين، حتى يتمكن الناس من شراء الطعام وغيره من الأساسيات.

ويلحظ أن مخاوف الكلفة الإنسانية لمعركة الحديدة، لم تكن أكثر من ورقة ضغط لجهة إبقاء الوضع يراوح في مربع الميوعة، خاصة مع استمرار فظائع الحوثيين ضد المدنيين في مناطق تهامة ورفض فتح معابر الإمدادات الإغاثية، فضلاً عن بقاء المجاعة تفتك بأرواح الأطفال من دون أن يتحرك نزر من الضمير الأممي الإنساني.

الحوثي يعمق المأساة الإنسانية

بالعودة إلى مسودة “اتفاق الحديدة” فإن مسلحي الحوثي ملزمون بالانسحاب من المدينة إلى خارج حدود الإدارية للمحافظة، وفتح المعابر المغلقة مع بداية العام الجديد، غير أن الجماعة عادت لتلوك تفسيرات تعكس رغبة للالتفاف على الاتفاق.

ويتهرب الحوثيون من تنفيذ البنود المتعلقة بالانسحاب من الميناء الرئيس، وميناءي الصليف ورأس عيسى، بالتزامن مع إعادة انتشار القوات المشتركة شرق المدينة، وفتح الممر الإنساني عبر طريق كيلو 16 باتجاه صنعاء، في وقت يعزز الحوثي من تواجد ميليشياته في المواقع التي من المفترض أن ينسحبوا منها.

و رفضت ذراع إيران في اليمن، فتح المعابر أمام مرور القوافل الإنسانية عبر خط الحديدة، صنعاء، بعد عمليات استهداف طالت عديد شحنات مساعدات أممية، وأفضت إلى إيقاف المنظمات الدولية أنشطتها الإغاثية في المحافظة المنهكة بالمجاعة والأوبئة.

وكانت مخازن تابعة لبرنامج الغذاء العالمي في الحديدة تعرضت لحريق هائل أتلف كل ما فيها من مواد غذائية في مارس/آذار الماضي. وألمح البرنامج إلى احتمال تورط ميليشيا الحوثي بإحراق المخازن في المنطقة الخاضعة لسيطرتها.

وفي وقت سابق حوّل الحوثيون مخازن غذائية للمنظمات الدولية إلى ثكنات عسكرية، حيث أدخلوا عناصرهم وعرباتهم القتالية إلى مخازن اليونيسف ومخازن تابعة لبرنامج الغذاء العالمي في الحديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى