مقالات

الوحدة اليمنية .. وحسابات السياسة ..!!

✍ ️إبراهيم ناصر الجرفي ..

الوحدة مفهوم لغوي يرمز للقوة والعزة والمنعة والتلاحم ‘ وهو عكس مفهوم الفرقة والذي يرمز للضعف والشتات والتمزق ‘ وما توحد قومٌ إلا تآلفت قلوبهم ‘ وقويت شوكتهم ‘ وهابهم عدوهم ‘ وتعاظم شأنهم ‘ وتعددت مواردهم وتنوعت مصادر دخلهم ‘ وأشتد عودهم ‘ ففي الوحدة القوة والعزة والكرامة والسيادة والعكس صحيح ‘ والواقع يسرد لنا العديد من الأمثلة على ذلك ‘ من أهمها الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي ‘ كنماذج رائدة في المجال السياسي والاقتصادي على المستوى العالمي ..!!

كل ذلك فيما يعيش العالم العربي حالة من الفرقه والشتات ‘ والتي تؤثر بشكل سلبي عليه في شتى مناحي الحياة ‘ ما جعل دوله تعيش حاله من الضعف والتخلف والتبعية السياسية والاقتصادية ‘ رغم إمتلاكها لكل مقومات القوة في حال توحدها ولم شملها ‘ وفي خضم هذا الواقع السلبي الذي يعيشه العالم العربي في هذا المجال ‘ استطاع أبناء اليمن تحقيق الوحدة بين شطري اليمن في 22 مايو 1990م ‘ بقيادة الزعيم اليمني الراحل علي عبدالله صالح ‘ لتكون بمثابة شعلة تفاؤل جددت الأمل بإمكانية توحيد الصف العربي الممزق يوماً ما ‘ وقد احتفى اليمنيون والعرب بهذا الحدث كثيراً ‘ كون الوحدة مبدأ من أهم المبادى الراسخة في وجدان وضمير كل أبناء الأمة العربية ‘ وأي تقارب عربي عربي كان وما يزال وسيظل محل احتفاء وترحيب جميع العرب ..!!

ولكن للأسف الشديد تظل التفاعلات الدولية والاقليمية والعلاقات الدولية والسياسية لها حساباتها ومصالحها ‘ والتي تتعارض مع حسابات ومصالح الشعوب العربية التي تتوق للوحدة والتوحد ‘ فبينما كانت الجماهير العربية تدعم وتشجع كل تقارب عربي عربي حتى وإن كان في الحدود الدنيا على أمل تطور ذلك التقارب مستقبلاً ‘ كان الفاعلين الدوليين والاقليميين الذين تتعارض مصالحهم وحساباتهم مع أي صورة من صور التقارب العربي ‘ يعدون مخططاتهم وأدواتهم لتقسيم المقسم وتجزئة المجزء ‘ بهدف القضاء على فكرة الوحدة العربية بشكل نهائي في وجدان وفكر المواطن العربي ‘ وذلك من خلال إثارة النعرات المذهبية والطائفية والحزبية ‘ ومن خلال دعم بعض الأطراف ذات النزعة المذهبية والطائفية والحزبية ..!!

فكانت مؤامرة الربيع العربي بمثابة الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك ‘ وكانت جماعات الاسلام السياسي والجماعات ذات النزعة الطائفية والانفصالية بمثابة الأدوات الفاعلة التي قبلت بالانخراط في تنفيذ هذه المؤامرة المدمرة ‘ والتي مزقت عدداً من الدول العربية ومنها اليمن الموحد ‘ إلى دويلات متصارعة تتقاسم النفوذ على مساحات جغرافية داخل الدولة الواحدة ‘ وقد حققت هذه المؤامرة الكثير من أهدافها ‘ فبعد أن كانت اليمن دولة واحدة موحدة ‘ أصبحت اليمن مشروع دولة مجزأه ومقسمة إلى عدة دويلات ..!!

وبهكذا مؤامرات ومخططات وعبر هكذا أدوات تابعة وعميلة للخارج ‘ تواجه الشعوب العربية عموماً واليمن خصوصاً تحدياً حقيقياً يستهدف وحدتها وهويتها وقوميتها وسيادتها ‘ حيث أصبحت الصولة والجولة اليوم بيد قوى وأطراف ذات نزعات مذهبية وطائفية وانفصالية ‘ كل همها هو تحقيق مشاريعها الصغيرة ولو على حساب دمار وخراب وتمزق وضعف الوطن ‘ كل ذلك يجعلنا نرى بأن مؤامرة الربيع العربي واحدة من أكبر الكوارث والمآسي والنكبات التي تلقتها الأمة العربية في تاريخها ..!!

وفي خضم هذه الأوضاع المأساوية والكارثية التي يعيشها العالم العربي عموماٌ واليمن خصوصاً ‘ لا تزال الوحدة اليمنية حاضرة وبكل قوة في وجدان وضمير كل الأحرار والشرفاء العرب واليمنيين ‘ وهو ما يجعلها صامدة كمفهوم وكحدث وكتاريخ وكمنجز حتى الآن في مواجهة كل المؤامرات والمساعي الحثيثة والمتواصلة للقضاء عليها ‘ كما أن التاريخ سوف يخلد كل من ساهم في تحقيقها في أنصع صفحاته ‘ كحدث إيجابي في بحر تتلاطم أحداثه بالسلبية ..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى