اخبار اليمنتقاريرملفات وقضايا

الملف المسكوت عنه.. حجور | قصص موجعة وجرائم ابادة و إخفاء جماعي ومصير غامض

تقرير – لا تزال قبيلة حجور في مديرية كشر بحجة، كبرى قبائل اليمن، عرضة للجرائم الانتقامية لمليشيات الحوثي، بما فيه الإخفاء الجماعي القسري.

وللعام الرابع على التوالي، يعتقل الحوثيون – المدعومون من إيران- سياسين وشيوخ وشباب وأطفال من قبائل حجور في معتقلاتهم السرية، شمالي غرب اليمن، في ظروف غير إنسانية وحرمان أسرهم حتى من زيارتهم.

وقضت أسر تحدثت لـ”العين الإخبارية”، شهورا وأعواما لمعرفة مصير أزواجها وأبنائها وذويها وما إن كانوا بين الأحياء المعتقلين في السجون السرية أو تم تصفيتهم وقتلهم تحت التعذيب وتسعى للحصول على جثامينهم.

وكانت مديرية كشر، موطن قبائل حجور، شهدت مطلع عام 2019، أكبر انتفاضة شعبية مسلحة ضد مليشيات الحوثي رفضا لسطوة جرائمها الانتقامية وصمدت لشهور قبل أن تحاصرها المليشيات وتجتاحها بقوة السلاح بتخاذل إخواني مخز أدى لأخطر انتكاسة قبلية.

حينئذ، ارتكب الحوثيون أبشع الجرائم بحق سكان كشر بدء من الإعدامات بحق عشرات الرجال والنساء والأطفال، وممارسة اعتقالات جماعية بحق أبناء القبيلة وتفجير وسلب ونهب للمنازل والمزارع والممتلكات.

وتعمدت مليشيات الحوثي إذلال قبائل حجور بنزعة انتقامية وغير أخلاقية ومارست آلاف الانتهاكات الوحشية بعيدا عن وسائل الإعلام ولم تستطع حتى المنظمات الحقوقية والإغاثية من قدرة الوصول للمنطقة.

وحجور هي واحدة من كبرى قبائل حاشد المعروفة والمنحدرة من قبيلة همدان الأم التاريخية، وتستوطن مرتفعات جبال الجزء الشمالي الشرقي من محافظة حجة، الحديقة الخلفية للمعقل الأم للحوثيين شمالا.

مصير غامض

ويلف الغموض مصير حياة المئات من المعتقلين لدى الحوثيين والتي تفتح “العين الإخبارية”، جزءا من ملف قضيتهم المنسية حقوقيا وإعلاميا لكشف حجم إرهاب المليشيات بحق قبيلة وواحدة من مناطق شمال اليمن.

قصص موجعة لأمهات تبحث بحسرة باكية عن أبنائهن وأطفال يترقبون سماع صوت آبائهم وزوجات تنتحب أزوجها وبح الصوت من مطالبات مليشيات الحوثي بتسليم جثامين من تم تصفيتهم في المعتقلات لوداعهم ودفنهم.

وحصلت “العين الإخبارية”، على أسماء نحو 50 معتقلا من زعماء وأبناء قبائل حجور تخفيهم مليشيات الحوثي قسريا، حيث تقول أسرهم إن مصيرهم غامض ولا تعرف إن كانوا بين الأحياء أو الأموات ولم تستطع زيارتهم منذ يناير/كانون الثاني عام 2019، وهم نموذج لمئات المعتقلين.

ولعل أحد أكثر زعماء القبائل ممن تعرضوا للتنكيل كان زعيم الانتفاضة المسلحة وقائد حجور “أبو مسلم الزعكري” وقبيلته التي استباحها الحوثيون بلا هودة وفجروا منازلها وهجروا أسرها وبات غالبية أبناء قبيلة “الزعاكرة” بين معتقل ومشرد.

ووجه رجال قبائل وأسر في مديرية كشر استغاثة- عبر “العين الإخبارية” – لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية بأخذ ملف معتقلين حجور وطرحه للأمم المتحدة والمجتمع الدولي كجزء من جرائم الحرب الحوثية وجرائم الإبادة بحق أحد المكونات القبلية الفاعلة.

وكشف رجال القبائل عن تنصل مليشيات الحوثي عن تعهدات أطلقها زعيمها قبل أكثر من عامين، والتي نصت على إطلاق سراح معتقلي قبائل حجور ليتضح لاحقا أنها “وعود وهمية” تستهدف ضرب نفسية أسر وأبناء حجور.

كما حثوا القوات المشتركة في الساحل الغربي والجيش اليمني في مأرب على العمل على مبادلة معتقلي حجور بالأسرى من مقاتلي مليشيات الحوثي باعتبار بعضهم أسروا إبان الانتفاضة المسلحة 2019.

كذلك حثوا المبعوث الأممي لليمن على التدخل لوضع حد للانتهاكات الحوثية التي تحدث في معتقلات مليشيات الحوثي ووقف جرائم الخطف والاختطافات والإخفاء القسري بحق أبناء القبائل في مناطق الانقلاب على رأسها “حجور”.

انتقام تاريخي

ظلت حجور عصية على مليشيات الحوثي منذ نشأتها في معقلها صعدة، وخاضت معارك طاحنة مع المليشيات وحتى بعيد اجتياح صنعاء والانقلاب أخضع الانقلابيون كل البلاد إلا “جبل كشر”، حيث وقفت القبائل حوله سدا منيعا للمتمردين.

لكن اليوم المشؤوم في تاريخ حجور كان قد كتب ولم يغب في ذاكرة صغارها وكبارها وهو 10 مارس/ أذار 2019، عندما سقطت “العبيسة” آخر قلاع كشر في قبضة مليشيات الحوثي عقب صمود اسطوري في قلب المعارك والحصار الخانق لأكثر من شهرين.

ودفعت حجور الثمن غاليا إثر انتفاضتها ضد الجور والظلم والطغيان الحوثي، حيث فقدت أكثر من 100 من خيرة رجالها في هذه المعارك مع المليشيات فيما سقط المئات جرحى قبل أن يجتاح الانقلابيون المنطقة ويعدموا العشرات ويقتادوا الرجال والأطفال والشيوخ للزنازين لتغيب عذاباتهم عن العالم بأسره.

ووفقا للعقيد في الجيش اليمني وافي دهشوش فقد “سبق المطالبة في أكثر من مناسبة بإطلاق أسرى ومعتقلي حجور من تيارات سياسية وأطراف قبلية ومبادرات ذاتية” إلا أن كافة المحاولات باءت بالفشل.

وقال في تصريح لـ”العين الإخبارية”، إن كافة المطالبات للمليشيات قوبلت بتعنت حوثي ورفض تام لكافة المساعي، مشيرا إلى أن الـ50 معتقلا لا يشكلون إلا منطقة واحدة من مناطق حجور فكيف إذا تم حصر معتقلي وأسرى كافة مناطق “حجور”؟

وأكد المسؤول العسكري أن “صلابة أبناء حجور” في مواجهه المد الفارسي ممثلاً بذراعة “الحوثي” شكل للانقلابيين عقدة من مسمى “حجور”، فحتى حين اجتاحت المليشيات مناطق اليمن ظلت عصية عليهم.

ونبه إلى أن مناطق اليمن التي اجتاحتها المليشيات تفادت العواقب الكارثية فيما ظلت حجور عصية وصامدة على المبادئ الجمهورية ورافضة لحكم مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا وغير أبهة بالعواقب الوخيمة.

وختم تصريحه لـ”العين الإخبارية”، بقوله إن “ذاك الصمود دفع الحوثي للتمادي في الإذلال على أمل أن يجد ذلك نتيجه في تطويع قبائل حجور بعد أن فشلت كل محاولات الإغراء لهم”.

يشار إلى أن تقارير حقوقية وثقت آلاف الانتهاكات الحوثية لحقوق الإنسان بحق قبائل حجور في مديرية كشر شمالي غربي اليمن من بينها 775 قتيلا وجريحا أعدموا أو قتلتهم وأصابتهم المليشيات بالرصاص المباشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى