من هنا وهناك

“القفص”.. مسلسل يطمح للوصول إلى العالمية بعباءة كويتية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — اعتدنا خلال شهر رمضان متابعة مسلسلات درامية مختلفة، بين المصري والسوري والخليجي، الذي تشكّل الدراما الكويتية فيه العلامة الفارقة. منذ تكوّن لدي الوعي حول ما يعرض على الشاشات المختلفة، ارتبطت الدراما الكويتية لدي بعناصر محددة: الرفاهية والرخاء، المشاكل الاجتماعية المتكررة، اللهجة التي بدت لي غريبة في البداية، ولكنها أصبحت ذات رنة باهرة لاحقا، وبالطبع، الوجوه التي نراها كل عام بين حياة الفهد، وسعاد عبدالله، وجاسم النبهان.

عشرات السنوات قضيناها في متابعة هذه القصص، والشكل العام لم يتغير. ومؤخرا، أعلنت نتفليكس عرض أول دراما كويتية أصلية من إنتاجها، وهو مسلسل يحمل اسم “القفص”، من بطولة خالد أمين، وحسين المهدي، وروان مهدي، وهو من إخراج جاسم المهنا، ومن إنتاج عبدالله بوشهري.

ولأن أجمل ما في الدراما هي أنها تستقي قصصها من الواقع، يعود بنا المنتج عبدالله بوشهري في حوارنا معه إلى بداية القصة، وكيف تم وضع تصور لهذا المسلسل ليخرج بهذه الطريقة، فيقول: “في جلسة عشاء هادئة، كنا أنا وأصدقائي مجتمعين، منهم من يعيش حياة زوجية هانئة، ومنهم من لم يوفق في علاقته، ومنهم من يعيش لحظات تعيسة، ولكننا جميعا متفقون أن الزواج هو قفص. البعض يراه قفصًا ذهبيًا، البعض يراه قفصًا حديديًا. البعض يحاول الدخول إلى هذا القفص، بينما يحاول البعض الآخر الخروج من هذا القفص. لذا قررنا إنتاج عمل يتناول حياتنا مع هذا القفص، سواء كنا بداخله أو خارجه”.

“مسلسل كويتي مختلف ولكنه لا زال يحمل روح الدراما الكويتية”، الفكرة الأولى التي خطرت في ذهني بعدما شاهدت الحلقات الأولى منه. تساءلت: هل كان يجب أن يخرج المسلسل من عباءة الدراما الكويتية؟ إجابتي الأولى هي: لا، وهي الإجابة التي أكد عليها المنتج بوشهري خلال حواره معي.

يقول عبدالله بوشهري: “الدراما الكويتية لها طابع خاص، وهي التي شكلت المخزون البصري والإبداعي لدى المشاهد الخليجي في الدرجة الأولى، ونحن كجيل سينمائي وتلفزيوني كبرنا وترعرعنا على هذه الدراما، وأنا شخصيا تعلمت من والدي الفنان التشكيلي عبدالرسول سلمان بأن قمة المحلية هي قمة العالمية، ومن المهم أن ننقل عبر منصة عالمية كنتفليكس ثقافتنا وعاداتنا، ونقدم القصص المحلية ولكن بقالب جميل وبجودة عالية”.

ويتفق جاسم المهنا مع بوشهري بالقول: “من المهم أن نعرف أن الجمهور يتلقى القصص بشكل معين، ولا يجوز أن نفاجئه بشكل جديد ومختلف لم يعتد عليه سابقا. كلنا متفقون أن علينا أن نأخذ الدراما الكويتية إلى مكان جديد، ولكن مع الحفاظ على القالب المألوف”.

مسلسل القفص يتناول موضوع الزواج ومشكلاته من خلال قصة زوجين يزوران طبيبًا نفسيًا لمساعدتهما في حل مشكلاتهما، ولكن مع الغوص في تفاصيل حياتهما وذكرياتهما يكتشفان أن الرابط بينهما أكثر قوة مما يعتقدان.

ويعتمد المسلسل بشكل أساسي على “الفلاش باك”، أي القصص والذكريات من الحياة الماضية، ليأخذنا المسلسل من خلال الملابس والديكورات إلى عصر لم تكن فيه التكنولوجيا هي العامل المسيطر، وبدا ذلك واضحًا من خلال استخدام “البيجر”، أو جهاز النداء الذي ظهر قبل أجهزة الهواتف المتحركة، كما رأينا في المسلسل المكالمات “الرومانسية” بين زيد وروان التي تتم عبر الهاتف الثابت. هذه التفاصيل الصغيرة برع فريق العمل في تقديمها لتقريب المشاهد إلى تلك الفترة الزمنية.

ومع بداية المسلسل، نجد الدكتور ناصر، الذي يؤدي دوره الفنان خالد أمين، يتحدث للكاميرا مباشرة ليكسر الحاجز الرابع، وهي أداة لا تستخدم عادة في الدراما العربية بشكل عام، إلا فيما ندر، فلماذا تم استخدامها هنا؟

يقول جاسم: “الفكرة بسيطة جدًا، فقد حاولنا الدخول إلى حياة الشخصيات المقدمة بالمسلسل من خلال لقطة طويلة، والتركيز على تقديم التفاصيل المختلفة في البداية، مثل المرضى، وأجزاء العيادة، وغيرها، ولكن من دون تقديمها بشكل مبتذل. فعندما تظهر مثل هذه اللقطات بشكل يزيد عن الحاجة تفقد قيمتها وأهميتها. وقدمنا الدكتور ناصر بهذه الطريقة لاعتقادنا أنه العمود الفقري لجميع الشخصيات في المسلسل، وهو الذي يربطها كلها”.

قد يكون الحوار في المسلسل قد خرج عن السيطرة في بعض الحلقات، خصوصا مع تقدمها، ولكن يُحسب لصناع العمل القدرة على نقل المشاهد إلى أزمان قديمة بالصورة والموسيقى، وهي عوامل واكبت القصة لتقدم عملًا روحه كويتية، ولكنه يحمل طموح الوصول إلى العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى