اخبار اليمن

الجمهوريـــة التي ينشدهــــا الحوثيين .. الاستنســـاخ والتبعيـــة

اخباري نت –
لاقى الخطاب السياسي والاعلامي لجماعة الحوثي في الاونة الأخيرة ردود افعال متباينة لدى المتابعين، الذي أوضح بأنه مع نظام جمهوري وأنه لا يوجد لديه توجه لعودة النظام الملكي الإمامي كما يرى البعض .

والمتمعن لنهج وطريقة وخطاب جماعة الحوثي يجد أنها تسعى لإقامة نظام جمهوري جديد غير النظام الجمهوري الذي قام بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 ، وتتمثل جمهورية الحوثيين باستنساخ النظام الجمهوري الشيعي الإيراني، بحكم الارتباط الوثيق بين الجماعة وإيران الذي لم يعد خافيا على أحد، بعد أن نجحت طهران عبر الحوثيين تصدير الأفكار الشيعية الاثنى عشرية الى اليمن، كتمهيد لنقل تجربة نظام الحكم الايراني اليها كمشروع مذهبي عقائدي يجعل اليمن تابعة لإيران بشكل فعلي .

لإثبات هذا الطرح من خلال الشواهد والواقع نلقي نظرة مختصرة عن نظام الحكم في إيران، حيث أن المرشد الأعلى هو أعلى سلطة ومقام في الدولة وصاحب القرار الفعلي ويأتي ذلك على “ولاية الفقيه العادل” وهي نظرية سياسية شيعية حديثة أفسحت المجال لتولي رجال الدين الشيعة الحكم في إيران والتي كان أول من جسدها عمليا آية الله الخميني بعد ثورة 1979 ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي، ويملك سلطات مطلقة تمنحه الفصل في كل شؤون الدولة، بما في ذلك السياسة النووية والخطوط الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية وقرار الحرب والسلم، فضلا عن السلطة المباشرة على الجيش والحرس الثوري وأجهزة المخابرات .

رئيس الجمهورية أعلى سلطة في الدولة بعد ” المرشد الأعلى ” ويتبع في معظم صلاحياته للمرشد الأعلى، كما أن حرية حركته تقيدها مجموعة من الأجهزة غير المنتخبة يسيطر على أغلبها رجال دين، وأهمها مجلس صيانة الدستور وهذا المجلس وظيفته الإشراف على عمل مجلس الشورى الإسلامي وجمیع قوانین البارلمان في إیران يجب أن تحصل على موافقة هذا المجلس قبل اعتمادها، كما أن تعيين أعضاء هذا المجلس 12 يتم تعيينهم مباشرة من قبل المرشد الأعلى وجميعهم من المذهب الشيعي، بالإضافة الى أن السلطة التشريعية ” البرلمان ” لا يحق لها أن تسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي الشيعي للبلاد .

المقاربة هنا وإن كانت مصغرة لحكم إيران ومبدأية ومن خلال تجربة الحوثيين للحكم في اليمن الذي سيطرو عليه بقوة السلاح منذ أواخر 2014 يتضح أنهم يسلكوا نهج ولاية الفقيه، وذلك من خلال إنشاء ما أسموها اللجنة الثورية العليا والتي أُصدر عنها إعلان دستوري يمكنها من كامل صلاحيات إدارة شؤون الدولة بسلطاتها ومؤسساتها، بل بحسب الدستور النافذ مالم يتعارض مع مضامين عمل اللجنة الثورية، والتي من خلالها تم تعطيل عدد من المؤسسات منها البرلمان والشورى، كما أن أعلى سلطة في البلاد تكون لما يسموه ” العلم .. بفتح العين واللام ” أي عبدالملك الحوثي كمرجعية عليا لكل الأمور وهو صاحب الصلاحيات ومن يمنح صلاحيات لأشخاص، وجميعها لا تخرج عن الإطار المذهبي ” الشيعي المستورد ” .

الحوثيين حاولو إنشاء مجلس إشرافي والذي أسموه مجلس الحكماء كنسخة من مجلس صيانة الدستور الإيراني الشيعي، الغرض منه تعديل الدستور بما يمكن ” مجلس الحكماء ” وظيفته الإشراف على عمل مجلس النواب وجمیع قوانین البرلمان في اليمن يجب أن تحصل على موافقة هذا المجلس قبل اعتمادها .

هناك بعض الظروف تسببت في إيقاف هذا المشروع عن المضي قدما، منها إفلاس خزينة الدولة بعد نهبها ” بحسب تقارير اعلامية ” من قبل قيادات حوثية بطرق غير قانونية، جعلها تلجأ وبإلحاح للتحالف مع حزب المؤتمر الشعبي العام كونه صاحب الشعبية الأكثر والجماهيرية الأوسع في اليمن، خوفا من ارتدادات شعبية عكسية قد تعصف بهذا المشروع الحوثي الشيعي، نتيجة فشلهم في إدارة شئون البلاد ونهب مستحقات الموظفين أبرزها الرواتب .

وهذا الإجراء الذي قامت به جماعة الحوثي بتحالفها مع المؤتمر الشعبي العام لا يعدو كونه استراحة محارب، حتى تلتقط أنفاسها وتعاود تطوير وتثبيت مشروعها الجمهوري المذهبي الشيعي المستنسخ إيرانياً .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى