اخبار اليمنبالادلةتقارير

جريمة حي الروضة في تعز.. ازدواج معايير وقلة حيلة دولية

متابعات.
جرت العادة أن تعج الحارات في أحياء مدينة تعز بالأطفال؛ يلهون ويلعبون في أوقات ما بعد العصر، خاصة في ظل الإجازة المدرسية التي تشارف على الانتهاء.

هذه العادة لم تعُد عند مستوياتها المعهودة؛ فمنذُ مرابطة مليشيا الحوثي على تخوم المدينة قبل سبع سنوات، وتعمدها إسكات مظاهر الحياة فيها؛ باتت الأسر التعِزّية تمتنع من إخراج أطفالها إلى اللعب في الأزقة خوفًا من القذائف التي لا تترك جمادًا ولا إنسانًا إلا وأتت عليه، حيث تظن المليشيا الطائفية- وظنها كله إثم- أن استمرار جرائمها سيطوّع لها الأرض ويُرضِخ لها رقاب الناس.

جريمة السبت الدامية في حي الروضة، التي قُتل فيها طفل وأُصيب 11 آخرون في عمر الزهور، واحدة من قصص مأساةٍ كبيرة متناسلة أعادت إلى أذهان سكان المدينة المحاصرة شبح خوف السنوات الأولى من توحش الحوثي واستجلابه كل الأساليب بهدف اقتحام وإخضاع تعز له بالقوة، حينها كان كل حيٍّ يندب فلذات أكباده ولا يكاد يشارك بقعة أخرى الهمَّ إلا وازداد جرحًا يفصله عن المشهد العام الممتلئ بإرهاب “عبده الحوثي” ورفاقه.

بُرهة السكون المقوَّضة بقذيفة الحقد هذه، بددت الثقة بقادم الأيام في ظل حديث عن هدنة لم نعلم عنها شيئًا إلا تأكيد امتيازاتٍ وُضعت للحوثي، وأفسحت له المجال لتغذية جبهاته بمزيد من المغرَّر بهم. حتى المستشار العسكري للمبعوث الأممي الرابض في أحد فنادق المدينة، لم يكلف نفسه الاستجابة للأصوات الداعية لزيارة مسرح الجريمة أو الأطفال الذين تعج بهم المستشفى، مؤكدًا تماهيًّا أمميًا فجًا مع القتلة إلى جانب عدم إدانة الرفض الصريح لمقترح فتح طريق رئيسي للمدينة يخفف معاناة السكان.

ازدواجٌ في المعاير وقلة حيلة يبديهما المجتمع الدولي إزاء الجرائم المشهودة لمليشيا إيران الحوثية بحق المواطن اليمني، ومعهما تزداد حِدة المعاناة وتتضاعف أرقام الضحايا والجوعى ويصبح المشهد كله أشبه بتعز التي يدرجها العالم في سلم الاهتمام، وكأن إخراجها من وضعها المزري سينهي تطفلهم بموضوع حرب اليمن وتربحهم بمعاناة مواطنيه.

عانت تعز، وما زالت من مرابطة مليشيا الحوثي في منافذها، لم تكتفِ بإطباق حصار لحقته تبِعات إنسانية واقتصادية أثقلت كاهل المواطن بموازة التأثير العام للحرب؛ بل استمرأت سفك دماء المدنيين في الريف كما المدينة، جرائم القنص المباشرة أحد أساليب إشباع غريزتها في حصد أكبر قدر من الرافضين لطائفيتها، وقبله انقلابها المشؤوم على إجماع اليمنيين.

حالة الوعي الجماعي والحصانة المؤكَّدة بالمقاومة منذُ أول وهلة لأبناء المحافظة، دفعت الحوثي لإعلان عِداء مستدام لتعز؛ فيما تأتي تعليمات المليشيا على الأرض من أعلى هرم سلطة الانقلاب بأن نغِّصوا معيشة أهالي تعز ولا تضعوا لهم فرصة لالتقاط الأنفاس إلا وأثخنتم فيهم جراح فَقْدِ الأعزّ من أطفال ونساء وشيوخ.

وليس بعيدًا؛ بل مؤكدًا أن لصدق الالتحام الوطني الواسع الذي بدأته المقاومة الوطنية مع القوى السياسية المختلفة، بهدف تعضيد الموقف المقاوم لمشروع مليشيا الحوثي الطائفي؛ أثره البالغ في إصابة الكهنة بالذعر والهلوسة وفقدان البوصلة المنعدمة، فمعنى التوحد خلف كلمة جامعة، تشتيت- بالضرورة- لأهداف حوثية وضِعت مسبقًا على معطى تشرذم القوى الشرعية.

رسخّت الجريمة الحوثية في حي الروضة استحالة الثقة في أي عهد يبرم مع العصابة “المتوردة”؛ نكوصٌ مستمر وحيلٌ مدرَكة، والتمسك بخيار استعادة الدولة عسكريًّا مطلب لا مفر من تحقيقه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى